للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي طينة الخبال أوضحها النبي صلى الله عليه وسلم في رواية أخرى «حين سئل وما طينة الخبال؟ فقال: عصارة أهل النار (١)». أعاذنا الله من شرها وحرها وعصارة أهلها.

وهذا الذي تقدم فيمن شربها معتقدا حرمتها، أما من شرب الخمر وسائر المسكرات والمخدرات مستحلا لها معتقدا أنها له حلال، فقد ذهب بعض الفقهاء إلى تكفيره وإباحة قتله إن لم يتب، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فقد سئل عمن يأكل الحشيشة فأجاب: (الحمد لله هذه الحشيشة الصلبة حرام سواء سكر منها أو لم يسكر والسكر منها حرام باتفاق المسلمين، ومن استحل ذلك وزعم أنها حلال فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدا لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين) (٢). وبهذا أفتى بعض فقهاء الحنفية كنجم الدين الزاهدي وغيره، وعللوا ذلك بأن مفاسدها [أي الحشيشة] أعظم من مفاسد الخمر (٣).

وذهب أكثر الفقهاء إلى أن مستحل ذلك فاسق زنديق تلزمه أحكام الفسقة في رد شهادته وعدم صلاحيته لتولي الوظائف العامة في الدولة ونحو ذلك والذي يظهر- والله أعلم- أن القول بكفر مستحل المخدرات والمسكرات أيا كان نوعها وجنسها هو الأقرب للصواب وهو الذي يتفق مع القواعد العامة في الشريعة الإسلامية التي تقضي بكفر من أنكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة. قال شارح الطحاوية: " لا خلاف بين المسلمين أن الرجل إذا أظهر إنكار الواجبات الظاهرة المتواترة والمحرمات الظاهرة المتواترة ونحو ذلك، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل كافرا ".


(١) سنن أبي داود.
(٢) مجموع فتاوى شيح الإسلام ابن تيمية جـ ٣٤، ص ١٨٦ وما بعدها.
(٣) رسائل ابن عابدين.