للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن المعاصي وبعنهم على الطاعة وانتشالهم من الوقوع في مهابط الرذيلة والخروج عن الطريق المستقيمة (١) فالعقوبة مصلحة لا لذاتها، ولكن باعتبار ما يترتب عليها من المصالح، قال الإمام عز الدين بن عبد السلام:

" إن العقوبات الشرعية كلها ليست مطلوبة لكونها مفاسد، بل لكون المصلحة هي المقصودة من شرعها كقطع السارق وقاطع الطريق وقتل الجناة ورجم الزناة وجلدهم وتغريبهم، وكذلك التعزيرات، كل هذه مفاسد أوجبها الشرع لتحصيل ما رتب عليها من المصالح الحقيقية " (٢).

وقبل أن أوضح آراء الفقهاء في عقوبة المخدرات أقرر حقيقة لا ريب فيها وهي: أنه لا خلاف بين العلماء في حرمة تناول المخدرات بجميع أسمائها وأنواعها، كما أنه لا خلاف بينهم أيضا في أن تعاطي المخدرات ذنب تجب عليه العقوبة، بل يجب تشديد العقوبة على فاعل ذلك، ولكن تختلف عقوبة المخدرات باختلاف الجريمة المعاقب عليها وهي لا تخلو إما أن تكون تناولا للمادة المخدرة أو إتجارا وترويجا لها.

أولا: عقوبة تناول المادة المخدرة:

لما كان متناول المخدرات والعقاقير المخدرة يشترك مع متعاطي الخمر في بعض الخصائص- كما بينا سابقا- كفقد التمييز، وعدم القدرة على الامتناع عنها بعد تناولها، وفي الصد عن الذكر وعن الصلاة وغير ذلك من الخصائص كما أن هذه المواد تتميز عن الخمر ببعض الخصائص كتناول كثير منها وهي جامدة أو تناولها عن طريق الحقن وعدم هياج متناولها، وعدم قدرته على البطش غالبا لتخدر حواسه وغير ذلك.

لذلك اختلف أهل العلم في تقييم وتصنيف هذه المواد وبالتالي اختلف


(١) انظر: صور من سماحة الإسلام د / عبد العزيز الربيعة ص ١١١.
(٢) قواعد الأحكام في مصالح الأنام جـ ١/ ١٢.