(أ) وكان الصبر في المواقف وعدم الفرار حين يستحر القتال من الصفات التي عرف بها المسلمون وصورها كعب في قوله:
صبرنا لهم والصبر منا سجية ... إذا طارت الأبرام نسمو ونرتق
على عادة تلكم جرينا بصبرنا ... وقدما لدى الغايات نجري فنسبق
الأبرام: اللئام، نرتق: نصلح.
(ب) حب الاستشهاد في سبيل الله والحق، وفي ذلك يقول كعب:
إن تقتلونا فدين الحق فطرتنا ... والقتل في الحق عند الله تفضيل
وقوله:
فخرتم بقتلى أصابتهم ... فواضل من نعم المفضل
فاعتبر القتل في سبيل الله نعمة تفضل الله بها على الشهداء.
وبين مكانة شهيد الإسلام وقتيل الكفر في قوله:
شتان من هو في جهنم ثاويا ... أبدا ومن هو في الجنان مخلد
(جـ) ملاقاة الشجعان وبذل الغالي من الأموال في الدفاع عن الأحساب، فقال:
جلاد الكماة وبذل التلاد ... عن جل أحسابنا ما بقينا
(د) إعداد العدة:
عرف العرب في جاهليتهم بالغارة وحب الفتك، وكثيرا ما تغنوا ببطولاتهم، فلما جاء الإسلام هذب طباعهم ونظم شمائلهم، فتجلت ضروب الشجاعة ولكنها لم تكن لحب الفتك وإراقة الدم للتشفي بل لخير الإنسان والإنسانية، ومن ثم أعدوا للمعارك الإسلامية العدة من سلاح وعتاد قبل خوضها ولم يجبنوا عند لقاء الأعداء، أو يفروا عند الزحف.
ومن أروع ما قيل في التقدم في المعارك قول كعب بن مالك:
نصل السيوف إذا قصرن بخطونا ... قدما ونلحقها إذا لم تلحق
فترى الجماجم ضاحيا هاماتها ... بله الأكف كأنها لم تخلق
ونعد للأعداء كل مقلص ... ورد ومحجول القوائم أبلق