للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سابعا: بحديث: «من طلق للبدعة واحدة أو اثنتين أو ثلاثا ألزمناه بدعته». وأجيب بأن في سنده إسماعيل بن أمية الذراع، وقد قال فيه الدارقطني بعد روايته لهذا الحديث، ضعيف متروك الحديث.

ثامنا: حديث علي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلا طلق امرأته ألبتة فأنكر ذلك وقال: «من طلق ألبتة ألزمناه ثلاثا لا تحل له حتى تنكح زوجها غيره» وأجيب بأن في سنده إسماعيل بن أمية القرشي، قال فيه الدارقطني، كوفي ضعيف، وقال ابن القيم في إسناد هذا الحديث مجاهيل وضعفاء (١).

وأما الإجماع فقد نقل كثير من العلماء على إمضاء الثلاث في الطلاق بكلمة واحة منهم: الشافعي وأبو بكر الرازي وابن العربي والباجي وابن رجب وقالوا: إنه مقدم على خبر الواحد، قال الشافعي: الإجماع أكثر من الخبر المنفرد، وذلك أن الخبر مجوز الخطأ والوهم على روايه، بخلاف الإجماع فإنه معصوم، وأجيب بأنه قد روي عن جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم القول برد الثلاث المجموعة إلى الواحدة منهم: أبو بكر، ومر صدر من خلافته، وعلي وابن مسعود وابن عباس، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وطاوس، والحسن البصري، وسعيد بن جبير، وعطاء بن أبي رباح، ومحمد بن إسحاق، وابن تيمية المجد، وأصبغ بن الحباب، ومحمد بن بقي، ومحمد بن عبد السلام الخشني، وعطاء بن يسار، وابن زنباع، وخلاس بن عمرو، وأهل الظاهر، وخالفهم في ذلك ابن حزم، وغاية الأمر أن يقال: أن بعض من نقل عنهم الإلزام بالثلاث إذا كانت مجموعة نقل عنهم أيضا جعلها واحدة فيكون لهم في المسألة قولان، والقصد أن الخلاف في الإلزام بها مجموعة لم يزل قائما ثابتا، وممن حكى الخلاف في ذلك عن السلف والخلف أبو الحسن علي بن عبد الله اللخمي، وأبو جعفر الطحاوي، في تهذيب الآثار وغيرهم، وبهذا يتبين أنه ليس في المسألة إجماع (٢).

وأما الآثار المروية عن الصحابة وغيرهم في إمضاء الثلاث على من طلق زوجته ثلاثا في مجلس واحد فكثيرة منها، ما روي عن عمر وعثمان وعلي وابن عباس وابن مسعود وابن عمر وعمران بن الحصين وأبي هريرة وغيرهم، فإن سلم اعتبارها في الاحتجاج لكونها أقوال صحابة ثبت المطلوب، وخاصة أن فيهم ثلاثة من الخلفاء: عمر الملهم وعثمان وعلي وحبر الأمة ابن عباس - رضي الله عنهم -، وإلا فالحجة في إجماعهم فإن فتواهم اشتهرت عنهم، ولم يعرف عمن لم يفت بذلك إنكار لفتواهم به، فكان إجماعا وقد تقدم.


(١) ص - من البحث.
(٢) ص - من البحث.