للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن ابن عباس، وقد تقدم مع المناقشة.

واستدلوا بالقياس، قالوا: كما لا يعتبر قول الملاعن، وقول الملاعنة: أشهد بالله أربع شهادات - بكذا، أربع شهادات، لا يعتبر قول الزوج لامرأته: أنت طالق ثلاثا بلفظ واحد ثلاث تطليقات، وكذا كل ما يعتبر فيه تكرار القول أو الفعل من تسبيح وتحميد وتكبير وتهليل وإقرار.

ونوقش بأنه قياس مع الفارق، للإجماع على اعتبار الطلقة المفردة في الطلاق، وبينونة المعتدة منها بانتهاء العدة، وعدم اعتبار الشهادة الواحدة من الأربع في اللعان (١).

وللمستدل أن يقول: هذا الفارق مسلم، ومعه فوارق أخرى بينهما، انفرد كل من الطلاق واللعان بشيء منها، لكنها ليست في مورد قياس المستدل هنا، فإنه وارد فيما يعتبر فيه تكرار الفعل أو القول، ولا يعتد فيها بالاكتفاء بذكر اسم العدد، وليس من شرط سلامة القياس اشتراك المقيس والمقيس عليه في جميع صفاتها، بل إن اعتبار هذا لا يتأتى معه قياس؛ لأن كل شيئين لا بد أن ينفرد كل منهما عن الآخر بخاصة أو خواص، وإلا كان عينه.

واستدلوا بما روي من الآثار في الإفتاء بذلك عن ابن عباس وعلي وابن مسعود والزبير وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم من الصحابة ومن بعدهم (٢).

ونوقش بأن ما روي من ذلك عن طاوس عن ابن عباس مردود؛ فإن لطاوس عن ابن عباس مناكير منها روايته هذه الفتوى عن ابن عباس، وأجيب بأن طاوس بن كيسان قد وثقه ابن معين، وسئل أيهما أحب إليك طاوس أم سعيد بن جبير؟ فلم يخير بينهما، وقال قيس بن سعد: كان طاوس فينا مثل ابن سيرين بالبصرة، وقال الزهري: لو رأيت طاوسا علمت أنه لا يكذب، وروى له أصحاب الكتب الستة في أصولهم (٣).

فعلى من ادعى روايته للمناكير عن ابن عباس أن يثبت ذلك بشواهد من رواياته عنه في غير هذه المسألة، أما فيما رواه في هذه المسألة فهو مجرد دعوى في محل النزاع، وما ذكر من مخالفة غيره له في هذه المسألة، فغايته أن يكون لابن عباس فيها قولان، روى كل من الفريقين عنه قولا منهما، ولذلك قد تم رجوعه عنها على تقدير صحة روايتها، ثم أن عكرمة تابع في روايته هذا الأثر عن ابن عباس، وهو من رجال السنة.

ونوقش بأن رواية حماد بن زيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس معارضة برواية إسماعيل بن إبراهيم


(١) ص - من البحث.
(٢) ص - من البحث.
(٣) تهذيب التهذيب.