للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواته بالمعنى فعبر بالثلاث بدلا من ألبتة، وفي هذا جمع بين الروايات وكانت يراد بها واحدة أولا، فلما تتابع الناس في إرادة الثلاث ألزمهم إياها عمر - رضي الله عنه -، ونظيره زيادة الضرب في شرب الخمر ونحوه، مما تغير فيه الحكم لتغير أحوال الناس، وقد تقدم هذا في الجواب السابع عند الاستدلال بحديث طاوس عن ابن عباس في جعل الثالث المجموعة واحدة مع مناقشته.

ونوقش أيضا: بأن لفظ طلقتها ثلاثا يحتمل أن يكون بلفظ واحد، وأن يكون مفرقا وأجيب بأن احتمال تفريقه خلاف الظاهر، لقوله في الحديث في مجلس واحد، والغالب فيما كان كذلك أن يكون بلفظ واحد.

ونوقش أيضا بمعارضته للإجماع، وقد تقدم مناقشة الإجماع عند الكلام على الاستدلال به على إمضاء الثلاث.

ونوقش أيضا بمعارضته لحديث نافع بن عجير في إمضاء ثلاثا، وأجيب بترجيح هذه الرواية على رواية نافع بن عجير لسلامتها وضعف نافع، وقد سبق شرح ذلك إلى غير هذا من المناقشات التي سبقت عند الإجابة عن الاستدلال بحديث ابن عباس في اعتبار الثلاث واحدة.

ومن السنة أيضا حديث بعض بني أبي رافع عن عكرمة عن ابن عباس «أن يزيدا أبا ركانة وإخوته طلق أم ركانة وتزوج امرأة أخرى فشكت ضعفه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمره بطلاقها فطلقها، وقال له " راجع أم ركانة " فقال: إني طلقتها ثلاثا، فقال: " قد علمت راجعها (١)»، وقد سبق نص الحديث مع مناقشته.

ومن السنة أيضا حديث ابن عمر وفيه أنه طلق امرأته ثلاثا وهي حائض فردها النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى السنة، ورد أولا: بأن رواة هذا الحديث شيعة، وثانيا: بأن في سنده ظريف بن ناصح وهو شيعي لا يكاد يعرف، وثالثا: مع ما ذكر مخالف لما رواه الثقات الأثبات: أن ابن عمر طلق امرأته في الحيض تطليقه واحدة، فهو حديث منكر (٢).

واستدلوا بالإجماع، قالوا: إن الأمر لم يزل على اعتبار الثلاث بلفظ واحد واحدة، إلى ثلاث سنين من خلافة عمر.

ويمكن أن يجاب بما ورد من الآثار عن بعض الصحابة من أن الثلاث بلفظ واحد تمضي ثلاثا (٣) وقد سبق ذكرها في استدلال من يقول بإمضاء الثلاث لكن للمستدل أن يقول: إن الآثار التي وردت فيها الفتوى بخلاف هذا الدليل بدأت في عهد عمر بضرب من التأويل، يدل على تأخير بدئها ظاهر حديث طاوس


(١) سنن أبو داود الطلاق (٢١٩٦).
(٢) ص - من البحث.
(٣) ص - من البحث.