للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النسيان إليه (١) كما قال تعالى عن صاحب موسى: " فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان ". وتأمل حكمة القرآن وجلالته كيف أوقع الاستعاذة من شر الشيطان الموصوف بأنه (الوسواس إلى آخر السورة) ولم يقل من شر وسوسته لتعم الاستعاذة جميع شره، فإن قوله (من شر الوسواس) (٢) يعم كل شره، ووصفه بأعظم صفاته وأشدها شرا وهي الوسوسة التي هي مبادئ الإرادة فإن القلب يكون فارغا من الشر فيوسوس إليه، ويخطر الذنب بباله، فيصوره لنفسه ويشهيه فيصير شهوة، ويزينها ويحسنها له، فتصير إرادة، ثم لا يزال يمثل (٣) ويشهي وينسي ضررها ويطوي عنه سوء عاقبتها فلا يرى إلا التذاذه بالمعصية فقط وينسى ما وراء ذلك، فتصير الإرادة عزيمة جازمة (٤) فيشتد الحرص من القلب، فلا يزال الشيطان بالعبد يقوده إلى الذنب وينظم


(١) من باب إضافة الشيء إلى سببه كما قال ابن القيم في تفسيره ص: ١٠٧.
(٢) في المخطوطة (الوسواس) وأثبت ما في تفسير ابن القيم.
(٣) في تفسير ابن القيم (يمثل له).
(٤) في المخطوطة (فتصير الإرادة جازمة) وأثبت ما في تفسير ابن القيم.