للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شمل الاجتماع بألطف حيلة وأتم مكيدة. فأصل كل معصية وبلاء إنما هو الوسوسة.

فلهذا وصفه بها لتكون الاستعاذة من شرها أهم، وإلا فشره بغير الوسوسة حاصل أيضا.

فمن شره أنه لص سارق لأموال الناس فكل طعام أو شراب لم يذكر اسم الله عليه فله فيه حظ بالسرقة والخطف، وكذلك يبيت في البيت الذي لم يذكر فيه اسم الله فيأكل طعام الإنس بغير إذنهم، ويبيت في بيوتهم بغير أمرهم، ويدل على عوراتهم فيأمر العبد بالمعصية، ثم يلقي في قلوب أعدائه يقظة ومناما أنه فعل كذا وكذا.

ومن هذا أن العبد يفعل الذنب لا يطلع عليه أحد من الناس (١) فيصبح والناس يتحدثون به، وما ذاك إلا أن الشيطان يجهد في كشف ستره وفضيحته فيغتر العبد، ويقول: هذا ذنب لم يره إلا الله، ولم يشعر بأن عدوه ساع في إذاعته، وقل من يتفطن من الناس لهذه الدقيقة.

ومن شره أنه يعقد على رأس العبد إذا نام عقدة تمنعه من اليقطة كما في صحيح البخاري: «يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد (٢)». . . الحديث.


(١) في المخطوطة (لا يطلع عليه إلا الله أحدا من الناس) وأثبت ما في تفسير ابن القيم.
(٢) صحيح البخاري الجمعة (١١٤٢)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٧٧٦)، سنن النسائي قيام الليل وتطوع النهار (١٦٠٧)، سنن أبو داود الصلاة (١٣٠٦)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٣٢٩)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٢٤٣)، موطأ مالك النداء للصلاة (٤٢٦).