للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنس والجن بأنواع الأذى، والتكفير، والتبديع، والتحذير منه ليشوش عليه قلبه، وليمنع الناس من الانتفاع به.

فحينئذ يلبس المؤمن لأمة (١) الحرب ولا يضعها عنه، إلى الموت ومتى وضعها أسر وأصيب فلا يزال في جهاد حتى يلقى الله.

فتأمل هذا الفصل وتدبره، واجعله ميزانك، تزن به نفسك، وتزن به الناس، والله المستعان.

وتأمل السر في قوله تعالى: {يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ} (٢) ولم يقل قلوبهم، والصدر هو ساحة القلب، وهو بمنزلة الدهليز وبيته، فمنه تدخل (٣) الواردات إليه فتجتمع في الصدر ثم تلج في القلب، ومن القلب تخرج (٤) الأوامر، والإرادات إلى الصدر، ثم تتفرق على الجنود.

ومن فهم هذا فهم قوله تعالى: {وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ} (٥) فالشيطان يدخل إلى ساحة القلب وبيته ويلقي ما يريد إلقاءه إلى القلب.

فهو موسوس (٦) في الصدر وسوسة واصلة إلى القلب، ولهذا قال تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ} (٧) ولم يقل: فيه، لأن المعنى أنه ألقى إليه ذلك وأوصله إليه فدخل في قلبه (٨).

وقول تعالى: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ} (٩).


(١) اللأمة: الدرع. لسان العرب جـ: ١٢ ص: ٥٣٢.
(٢) سورة الناس الآية ٥
(٣) في المخطوطة (يدخل).
(٤) في المخطوطة (يخرج).
(٥) سورة آل عمران الآية ١٥٤
(٦) في المخطوطة (فهو سوس) وهو خطأ فصححته.
(٧) سورة طه الآية ١٢٠
(٨) فالوسوسة في الصدر ومنه إلى القلب.
(٩) سورة الناس الآية ٦