للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما فضول الطعام (١) فهو داع لأنواع كثيرة من الشر، فإنه يحرك الجوارح إلى المعاصي ويثقلها (٢) عن الطاعات وحسبك بهذين شرا فكم من معصية جلبها الشبع وفضول الطعام، ولهذا جاء في بعض الآثار " ضيقوا مجاري الشيطان بالصوم "، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ملأ آدمي وعاء شرا من بطن (٣)».

ولو لم يكن في الامتلاء من الطعام إلا أنه يدعو إلى الغفلة عن ذكر الله، فإذا غفل القلب عن الذكر ساعة واحدة غلبه الشيطان وشهاه وهام به في كل واد، فإن النفس إذا شبعت تحركت وطافت على أبواب الشهوات وإذا جاعت سكنت وذلت.

وأما فضول المخالطة فهو الداء العضال، الجالب لكل شر، وكم سلبت المخالطة والمعاشرة من نعمة، وكم زرعت من عداوة، وكم غرست في القلب من حزازة، ففضول المخالطة خسارة في الدنيا والآخرة، وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة بمقدار الحاجة.

ويجعل الناس فيها أربعة أقسام متى


(١) في المخطوطة (وأما فضول الكلام) وهو سبق قلم.
(٢) في المخطوطة (ويثقله) والصواب ما أثبته من ابن القيم
(٣) ونص الحديث: " ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطن حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث طعام وثلث شراب وثلث لنفسه " رواه الإمام أحمد في مسنده جـ: ٤ ص: ١٣٢. والحاكم في مستدركه جـ: ٤ ص: ٣٣١ - ٣٣٢، وصححه ووافقه الذهبي، وصححه الألباني (إرواء الغليل جـ: ٧ ص: ٤١).