صالحة للزراعة حتى أصبحت خرابا يبابا منبتا للأشواك.
ومن أجرى مقارنة عادلة بين الزراعة، وبين كثير من الوظائف الإدارية والكتابية، وجد الفرق بينهما واضحا، والفضل لها ظاهرا.
فالزراعة أقرب إلى التوكل، وأدعى إلى التخشن، وقوة الجسم لما فيها من الحركة والنشاط، والمزارع أنقى جوا، وأصح جسما، وأبعد عن الضوضاء والتلوث بسبب نقاء الهواء، وسلامة الغذاء من الصناعة والمواد الكيمياوية ولذلك تجد الموظفين والإداريين على اختلاف درجاتهم لا يستغنون عن ساعات من الاستجمام والراحة يقضونها في المزارع والحقول وبين البساتين يمتعون أنظارهم، ويريحون أفكارهم، وأجسادهم، ويبتعدون عن ضوضاء المدينة، وصخب المصانع، وهدير الآلات، ويعودون وقد ملئوا نشاطا وحيوية وسعادة. إن تلك النظرة الخاطئة عن الزراعة قد أنكرها أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم لما سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في الزراعة ويحث عليها، عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رجلا مر به وهو يغرس غرسا بدمشق فقال: أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تعجل علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من غرس غرسا لم يأكل منه آدمي، ولا خلق من خلق الله إلا كان له به صدقة (١)».
(١) أخرجه أحمد (٦/ ٤٤٤) والطبراني قال الهيثمي: رجاله موثقون وفيهم كلام لا يضر (مجمع الزوائد ٣/ ٦٨). قلت: في إسناده القاسم بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن الدمشقي صاحب أبي أمامة وهو صدوق إلا أنه يغرب كثيرا (انظر التقريب ١/ ٤٥٠) وفي سماعه من أبي الدرداء نظر، والله أعلم.