كتاب مجلة البحوث الإسلامية

فضل الزراعة في الإسلام - عناية المسلمين بالزراعة - ج: 33 - ص: 205

أبو يوسف رئيس القضاة في عصر الرشيد، كتابا يبين فيه للخليفة أن من واجب الدولة تشييد الجداول الجديدة على نفقتها الخاصة لتحسين الزراعة، وتنظيف الجداول الحالية، وترميمها، كما يوصي بإنشاء شرطة نهرية ذات كفاءة ممتازة. وكان العراق وجنوب فارس يبدوان في ذلك العهد روضة غناء.

وقد بلغت ثروة الدولة من الزراعة نحو مائة وأربعة عشر مليون درهم، وفي عهد المأمون نحو ثلائمائة وتسعين مليونا، وثمانمائة وخمسة وخمسين ألفا من الدراهم والدنانير دون العروض، وفي عهد المعتصم بلغ خراج السواد ثمانية ملايين وثمانمائة وواحدا وعشرين ألفا وثمانمائة درهم (١).

أما في الأندلس فقد أدخل المسلمون إليها نظام زراعة المدرجات في الجبال ودرسوا التربة والبيئة، وحفروا الترع، وأقاموا القناطر والجسور بالإضافة إلى النباتات الكثيرة التي أدخلوها إلى البلاد.

واهتم المرابطون والموحدون بالزراعة، وشجعوا المزراعين وحرصوا على توفير المياه اللازمة للزراعة.

وقد بلغت غلة الزيتون في ثلاث مدن مغربية في ذلك الوقت مائة ألف وخمسة آلاف دينار.

يقول غوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب: لا يوجد في أسبانيا الحاضرة من أعمال الري إلا ما أتمه العرب، وأصبحت أسبانيا التي هي صحراء حقيقية عدا بعض الأقسام في جنوبها جنة واسعة بفضل أساليب العرب الزراعية الفنية. وفي صقلية يقول: لم تكد أقدام العرب ترسخ في صقلية حتى أقبلوا على الزراعة والصناعة فانتشلوهما من الانحطاط الذي كانتا فيه وأدخلوا إلى صقلية زراعة القطن، وقصب السكر، والدردار (نوع من

---

(١) انظر أنور الرفاعي، المصدر نفسه (ص ٢٩٠)، د. أحمد فريد الرفاعي، عصر المأمون (ص ١٣٨).