للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن العربي في كتابه الناسخ والمنسوخ ونقله عنه ابن القيم - رحمه الله - في تهذيب السنن: قال تعالى {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (١) زل قوم في آخر الزمان فقالوا إن الطلاق الثلاث في كلمة واحدة لا يلزم وجعلوه واحدة ونسبوه إلى السلف الأول فحكوه عن علي والزبير وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود وابن عباس وعزوه إلى الحجاج ابن أرطاة الضعيف المنزلة والمغموز المرتبة ورووا في ذلك حديثا ليس له أصل - إلى أن قال: وما نسبوه إلى الصحابة كذب بحت لا أصل له في كتاب ولا رواية له عن أحد - إلى أن قال: وأما حديث الحجاج بن أرطاة فغير مقبول في الملة ولا عند أحد من الأئمة. اهـ.

سادسا: لتوجه الإيرادات على حديث ابن عباس - رضي الله عنه - «كان الطلاق على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم وخلافة أبي بكر وصدر من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة (٢)» إلى آخر الحديث مما يضعف الأخذ به والاحتجاج بما يدل عليه، فإنه يمكن أن يجاب عنه بما يلي:

أ - ما قيل من أن الحديث مضطرب سندا ومتنا أما اضطراب سنده فلروايته تارة عن طاوس عن ابن عباس وتارة عن طاوس عن أبي الصهباء عن ابن عباس وتارة عن أبي الجوزاء عن ابن عباس وأما اضطراب متنه فإن أبا الصهباء تارة يقول: ألم تعلم أن الرجل كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوه واحدة. وتارة يقول: ألم تعلم أن الطلاق الثلاث كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدر من خلافة عمر واحدة.

ب - قد تفرد به عن ابن عباس طاوس وطاوس متكلم فيه من حيث روايته المناكير عن ابن عباس قال القاضي إسماعيل في كتابه (أحكام القرآن) طاوس مع فضله وصلاحه يروي أشياء منكرة منها هذا الحديث. وعن أيوب أنه كان يعجب من كثرة خطأ طاوس. وقال ابن عبد البر شذ طاوس في هذا الحديث. وقال ابن رجب وكان علماء أهل مكة ينكرون على طاوس ما ينفرد به من شواذ الأقاويل. ونقل القرطبي عن ابن عبد البر أنه قال: رواية طاوس وهم وغلط لم يعرج عليها أحد من فقهاء الأمصار بالحجاز والشام والمغرب.

جـ - ما ذكره بعض أهل العلم من الحديث شاذ من طريقتين: أحدهما تفرد طاوس بروايته وأنه لم يتابع عليه، قال الإمام أحمد في رواية ابن منصور: كل أصحاب ابن عباس


(١) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٢) صحيح مسلم الطلاق (١٤٧٢)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٠٦).