للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رووا عنه خلاف ما روى طاوس: وقال الجوزجاني هو حديث شاذ: وقال ابن رجب ونقله عنه ابن عبد الهادي: وقد عنيت بهذا الحديث في قديم الدهر فلم أجد له أصلا.

الثاني ما ذكره البيهقي فإنه ساق الروايات عن ابن عباس بلزوم الثلاث ثم نقل عن ابن المنذر أنه لا يظن بابن عباس أنه يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا ويفتي بخلافه، وقال ابن التركماني وطاوس يقول إن أبا الصهباء مولاه سأله عن ذلك ولا يصح ذلك عن ابن عباس لرواية الثقات عنه خلافه، ولو صح عنه ما كان قوله حجة على من هو من الصحابة أجل وأعلم منه وهم عمر وعثمان وعلي وابن مسعود وابن عمر وغيرهم. اهـ

فلما في هذا الحديث من الشذوذ فقد أعرض عنه الشيخان الجليلان أبو عبد الله أحمد بن حنبل فقد قال للأثرم وابن منصور بأنه رفض حديث ابن عباس قصدا لأنه يرى عدم الاحتجاج به في لزوم الثلاث بلفظ واحد لرواية الحفاظ عن ابن عباس ما يخالف ذلك. والإمام محمد بن إسماعيل البخاري ذكر عنه البيهقي أنه ترك الحديث عمدا لذلك الموجب الذي تركه من أجله الإمام أحمد ولا شك أنهما لم يتركاه إلا لموجب يقتضي ذلك.

ر - إن حديث ابن عباس يتحدث عن حالة اجتماعية مفروض فيها أن تكون معلومة لدى جمهور معاصريها، وتوفر الدواعي لنقلها بطرق متعددة مما لا ينبغي أن يكون موضع خلاف، ومع هذا لم تنقل إلا بطريق آحادي عن ابن عباس فقط ولم يروها عن ابن عباس غير طاوس الذي قيل عنه بأنه يروي المناكير. ولا يخفى ما عليه جماهير علماء الأصول من أن خبر الآحاد إذا كانت الدواعي لنقله متوفرة ولم ينقله إلا واحد ونحوه أن ذلك يدل على عدم صحته، فقد قال صاحب جمع الجوامع عطفا على ما يجزم فيه بعدم صحة الخبر: والمنقول آحادا فيما تتوفر الدواعي إلى نقله خلافا للرافضة. اهـ وقال ابن الحاجب في مختصره الأصولي: إذا انفرد واحد فيما تتوفر الدواعي إلى نقله وقد شاركه خلق كثير كما لو انفرد واحد بقتل خطيب على المنبر في مدينة فهو كاذب قطعا خلافا للشيعة. اهـ.

فلا شك أن الدواعي إلى نقل ما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون بعده في خلافة أبي بكر وصدر من خلافة عمر من أن الطلاق الثلاث كانت تجعل واحدة متوفرة توافرا لا يمكن إنكاره، ولا شك أن سكوت جميع الصحابة عنه حيث لم ينقل عنهم حرف واحد في ذلك غير ابن عباس يدل دلالة واضحة على أحد أمرين إما أن المقصود بحديث ابن عباس ليس معناه بلفظ واحد، بل بثلاثة ألفاظ في وقت واحد، وإما أن الحديث غير صحيح لنقله آحادا مع توفر الدواعي لنقله.

هـ - ما عليه ابن عباس - رضي الله عنه - من التقى والصلاح والعلم والاستقامة والتقيد بالاقتداء