والقوة في الصدع بكلمة الحق التي يراها يمنع القول بانقياده إلى ما أمر به عمر - رضي الله عنه - من إمضاء الثلاث والحال أنه يعرف حكم الطلاق الثلاث في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدر خلافة عمر من أنه يجعل واحدة.
فلا يخفى خلافه مع عمر رضي الله عنهما في متعة الحج وبيع الدينار بالدينارين وفي بيع أمهات الأولاد وغيرها من مسائل الخلاف فكيف يوافقه في شيء يروى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه خلافه، وإلى قوته - رضي الله عنه - في الصدع بكلمة الحق التي يراها، تشير كلمته المشهورة في مخالفته عمر في متعة الحج وهي قوله: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء أقول قال رسول الله وتقولون قال أبو بكر وعمر.
وعلى فرض صحة حديث ابن عباس فإن ما عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من التقى والصلاح والاستقامة وتمام الاقتداء بما عليه الحال المعتبرة شرعا في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدر من خلافة عمر يمنع القول بانقيادهم إلى أمر عمر - رضي الله عنه - في إمضاء الثلاث، والحال أنهم يعرفون ما كان عليه أمر الطلاق الثلاث في ذلك العهد. ومع هذا فلم يثبت بسند صحيح أن أحدا منهم أفتى بمقتضى ما عليه الأمر في عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وصدر من خلافة عمر حسبما ذكره ابن عباس في حديثه.
ز - ما في حديث ابن عباس من الدلالة على أن عمر أمضى الثلاث عقوبة للناس لأنهم قد استعجلوا أمرا كان لهم فيه أناة، وهذا مشكل ووجه الإشكال كيف يقرر عمر - رضي الله عنه - وهو هو تقى وصلاحا وعلما وفقها - بمثل هذه العقوبة التي لا تقتصر آثارها على من استحقها وإنما تتجاوزه إلى طرف آخر ليس له نصيب في الإجرام وتعني بالطرف الآخر الزوجات حيث يترتب عليها إحلال فرج حرام على طرف ثالث، وتحريم فرج حلال بمقتضى عقد الزواج، وحقوق الرجعة، مما يدل على أن حديث طاوس عن ابن عباس فيه نظر، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.