للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان يحب رجاله ويبادلونه حبا بحب، وكان محبوبا من الخلفاء وقادتهم ومن الناس كافة، وكان محبوبا من النبي صلى الله عليه وسلم لاستقامته ورجاحة عقله وشجاعته.

وكان يتحلى بشخصية قوية تفرض احترامها على الآخرين، دون ظلم أحد أو استعباد أحد من الناس، ولعل خلقه الكريم فرض احترامه على قومه وغيرهم احتراما نابعا من القلوب.

وكان يتحلى بالقابلية البدنية المتميزة، لذلك استطاع تحمل أعباء القتال صيفا وشتاء وفي جميع الظروف والأحوال.

وكان ذا ماض ناصح مجيد، سيدا في الجاهلية، وسيدا في الإسلام، ثبت على الإسلام وقاتل الذين ارتدوا من قومه بخاصة ومن غيرهم بعامة. كما كان من أصحاب الأيام، أثبت شجاعة وإقداما في المعارك التي خاضها.

وعند تطبيق مزايا قيادة جرير على مبادئ الحرب، نجد أنه كان يطبق مبدأ اختيار المقصد وإدامته، فيضع مقصده من عملياته العسكرية نصب عينيه دوما، ويسعى بكل طاقاته المادية والمعنوية على تحقيقه.

وكان يطبق مبدأ التعرض، فكان قائدا تعرضيا في معاركه داخل شبه الجزيرة العربية وخارجها، ولم يتخذ خطة الدفاع في تلك المعارك.

وكان يطبق المباغتة، وقد ظهر تطبيقه هذا المبدأ في معاركه التي خاضها في العراق وفارس على الفرس وحلفائهم.

وكان يطبق مبدأ تحشيد القوة، فقد ألح على جمع بجيلة قومه، حتى نجح في مسعاه، فقادهم إلى ميدان الجهاد، وما جمع هذه القبيلة بعد شتات إلا تحشيد القوة في المكان والزمان المناسبين.

وكان يطبق مبدأ الاقتصاد في المجهود، فلم يعرف عنه أنه أسرف في استخدام قوة من قواته دون مسوغ، بل لم يعرف عنه أنه أسرف في استخدام رجل من رجاله دون مسوغ. والحق أن القادة المسلمين تميزوا بتطبيق هذا