للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخلاف هؤلاء في هذه المسألة خلاف شاذ، لا يعتد به، لأنه لا دليل عليه، ولمخالفته الكتاب والسنة (١) وما روي عن أكابر الصحابة، ولمخالفته النظر الصحيح.

فهو مخالف لقوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} (٢) فجعل للتي لم تحض - وهي الصغيرة التي لم تبلغ بعد - عدة ثلاثة أشهر، ولا يكون عدة إلا من طلاق أو فسخ في نكاح، فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق، ولا إذن لها فيعتبر. ومخالف لحديث عائشة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت ست سنين، وبنى بها وهي بنت تسع سنين (٣)».


(١) عمدة القاري ٢٠/ ١٢٦، أحكام القرآن للجصاص ٢/ ٣٤٦.
(٢) سورة الطلاق الآية ٤
(٣) رواه البخاري في مناقب الأنصار باب تزويج النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وقدومه المدينة وبنائه بها (فتح الباري ٧/ ٢٢٣ رقم ٣٨٩٤)، وفي النكاح باب إنكاح الرجل ولده الصغار، وباب تزويج الأب ابنته من الإمام (فتح الباري ٩/ ١٩٠، رقم ٥١٣٣، ٥١٣٦)، ومسلم في النكاح باب جواز تزويج الأب البكر الصغيرة (شرح مسلم ٩/ ٢٠٦ - ٢٠٨). ورواه مسلم في الموضع السابق بلفظ: أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت سبع سنين وزفت إليه وهي بنت تسع سنين، ولعبها معه، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة. قال النووي في شرح صحيح مسلم ٩/ ٢٠٧: " وأما قولها في رواية: " تزوجني وأنا بنت سبع "، وفي أكثر الروايات: " بنت ست "، فالجمع بينهما أنه كان لها ست وكسر، ففي رواية اقتصرت على السنين، وفي رواية عدت السنة التي دخلت فيها ".