للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومعلوم أن عائشة رضي الله عنها في هذه السن ليست ممن يعتبر إذنها (١).

وقد اعترض ابن شبرمة على الاستدلال بحديث عائشة السابق بأن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم (٢).

ويمكن أن يجاب عن اعتراضه بأن الأصل في أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم أنها تشريع لأمته، إلا إذا جاء دليل يدل على أن هذا الأمر خاص به صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (٣)، ولا دليل على أن هذا الحكم خاص به صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فيكون عاما في حقه صلى الله عليه وسلم وفي حق غيره (٤)، ولو كان خاصا به صلى الله عليه وسلم ما فعله بعض الصحابة رضي الله عنهم كما سيأتي قريبا.

أما مخالفته لما روي عن أكابر الصحابة رضي الله عنهم فإن الزبير بن العوام رضي الله عنه زوج ابنته قدامة بن مظعون رضي الله عنه حين نفست بها أمها.

وهذه القصة في مظنة الشهرة بين الصحابة، ولم ينكرها أحد منهم فتكون حجة (٥).


(١) المغني ٦/ ٤٨٧، شرح الزركشي ٥/ ٧٩.
(٢) المحلى ٩/ ٤٥٩، فتح الباري ٩/ ١٩٠.
(٣) سورة الأحزاب الآية ٢١
(٤) المحلى ٩/ ٤٦٠.
(٥) فتح القدير لابن الهمام ٣/ ٢٧٤.