للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: حال نشوزها وإظهارها له بغضه حتى يخاف عليها ترك طاعة الله فيما لزمها لزوجها من الحق ويخاف عليها بتقصيرها في أداء حقوقه التي ألزمها الله له تركه أداء الواجب له، عليها، فذلك حين الخوف عليهما ألا يقيما حدود الله فيطيعاه فيما ألزم كل واحد منهما لصاحبه، والحال التي أباح النبي - صلى الله عليه وسلم - لثابت بن قيس بن شماس أخذ ما كان أتى زوجته إذ نشزت عليه بغضا منها له - ثم ذكر مجموعة أحاديث بأسانيدها تؤيد ما ذهب إليه من تعيين الحال التي يخاف على الزوجين ألا يقيما حدود الله فيباح للزوجة الافتداء من زوجها ويباح للزوج أخذ العوض على طلاقها، ومن ذلك قوله: حدثنا القاسم قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: «نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس وفي حبيبة قال وكانت اشتكته إلى رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم " تردين عليه حديقته؟ " فقالت: نعم. فدعاه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فقال: ويطيب لي ذلك؟ قال: "نعم" قال ثابت قد فعلت فنزلت (٢)» اهـ (٣).

وقال تعالى {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٤).

ذكر ابن جرير - رحمه الله - أقوالا لأهل العلم في المخاطب بالنهي عن العضل منها: أن المخاطبين بذلك ورثة الأزواج. ومنها: أن المخاطبين بذلك أولياء المرأة. ومنها أن المخاطبين بذلك أولياء المرأة. ومنها: أن المخاطبين بذلك الأزواج الذين طلقوا زوجاتهم ومنعوهن أن يتزوجن بعدهم إلا بإذنهم. ومنها: أن المخاطبين بذلك الأزواج الذين كرهوا زوجاتهم وأمسكوهن ضرارا ليفتدين. ثم قال: وأولى هذه الأقوال التي ذكرناها بالصحة في تأويل قوله {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} (٥) قول من قال نهى الله جل ثناؤه زوج المرأة عن التضييق عليها والإضرار بها وهو لصحبتها كاره ولفراقها محب لتفتدي منه ببعض ما آتاها من الصداق. وإنما قلنا ذلك أولى بالصحة لأنه لا سبيل لأنه لا سبيل لأحد إلى عضل امرأة إلا لأحد رجلين إما لزوجها بالتضييق عليها وحبسها وهو لها كاره، مضارة منه لها بذلك ليأخذ منها ما آتاها بافتدائها منه نفسها بذلك. أو لوليها الذي إليه إنكاحها. وإذا كان لا سبيل إلى عضلها لأحد غيرهما وكان الوالي معلوما أنه ليس ممن آتاها شيئا فيقال إن عضلها عن النكاح عضلها ليذهب ببعض ما آتاها، كان معلوما أن الذي عنى الله تبارك وتعالى بنهيه عن عضلها هو زوجها الذي له السبيل إلى عضلها ضرارا لتفتدي منه. - إلى أن قال - قوله {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٦) يعني بذلك جل ثناؤه لا يحل لكم أيها المؤمنون أن تعضلوا نساءكم ضرارا منكم لهن وأنتم لصحبتهن كارهون وهن لكم طائعات لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن من صدقاتهن {إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٧) فيحل لكم حينئذ الضرار بهن ليفتدين منكم، ثم ذكر - رحمه الله - أقوال أهل التأويل في معنى الفاحشة. فذكر آثارا بأسانيدها


(١) صحيح البخاري الطلاق (٥٢٧٣)، سنن النسائي الطلاق (٣٤٦٣)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٥٦).
(٢) سورة البقرة الآية ٢٢٩ (١) {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا}
(٣) جامع البيان جـ ٤ص ٥٤٩ وما بعدها.
(٤) سورة النساء الآية ١٩
(٥) سورة النساء الآية ١٩
(٦) سورة النساء الآية ١٩
(٧) سورة النساء الآية ١٩