صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح خمس عشرة يقصر الصلاة (١)»، قال المنذري: وأخرجه ابن ماجه وأخرجه النسائي بنحوه وفي إسناده محمد بن إسحاق واختلف على ابن إسحاق فيه فروى عنه مسندا ومرسلا وروى عنه عن الزهري من قوله انتهى، وقد ضعف النووي هذه الرواية، لكن تعقبه الحافظ في فتح الباري حيث قال: وأما رواية خمسة عشر فضعفها النووي في الخلاصة وليس بجيد، لأن رواتها ثقات ولم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد أخرجها النسائي من رواية عراك بن مالك عن عبيد الله كذلك فهي صحيحة. . انتهى كلام الحافظ.
واستدلوا أيضا بأثر ابن عمر المذكور، وقد روي عنه توقيت ثنتي عشرة كما حكاه الترمذي (وقال الأوزاعي: إذا أجمع على إقامة ثنتي عشرة أتم الصلاة).
قال الشوكاني في النيل: لا يعرف له مستند فرعي، وإنما ذلك اجتهاد من نفسه. . . انتهى.
قلت: لعله استند بما روي عن ابن عمر توقيت ثنتي عشرة. (وقال مالك والشافعي وأحمد: إذا أجمع على إقامة أربع أتم الصلاة). قال في السبل صفحة ١٥٦: وهو مروي عن عثمان والمراد غير يوم الدخول والخروج، واستدلوا بمنعه صلى الله عليه وسلم المهاجرين بعد مضي النسك أن يزيدوا على ثلاثة أيام في مكة، فدل على أنه بالأربعة الأيام يصير مقيما. . انتهى.
قلت: ورد هذا الاستدلال بأن الثلاث قدر قضاء الحوائج لا لكونها غير إقامة، واستدلوا أيضا بما روى مالك عن نافع عن أسلم عن عمر أنه أجلى اليهود من الحجاز، ثم أذن لمن قدم منهم تاجرا أن يقيم ثلاثة أيام، قال الحافظ في التلخيص صححه أبو زرعة. (أما إسحاق) يعني ابن راهويه (فرأى أقوى المذاهب فيه حديث ابن عباس) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أقام في بعض أسفاره تسع عشرة يصلي ركعتين (قال) أي إسحاق (لأنه) أي ابن عباس (روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم تأوله بعد النبي صلى الله عليه وسلم) أي أخذ به
(١) صحيح البخاري المغازي (٤٣٠٠)، سنن الترمذي الجمعة (٥٤٩)، سنن أبو داود الصلاة (١٢٣٠)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٧٦).