للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالاجتهاد، لأنه من جملة المقادير ولا يظن بهما التكلم جزافا، فالظاهر أنهما قالاه سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وروى عبد الله بن عباس وجابر وأنس رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه دخلوا مكة صبيحة الرابع من ذي الحجة ومكثوا ذلك اليوم واليوم الخامس واليوم السادس واليوم السابع، فلما كان صبيحة اليوم الثامن وهو يوم التروية خرجوا إلى منى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه ركعتين وقد وطنوا أنفسهم على إقامة أربعة أيام دل أن التقدير بالأربعة غير صحيح وما روي من الحديث فليس فيه ما يشير إلى تقدير أدنى مدة الإقامة بالأربعة، لأنه يحتمل أنه علم أن حاجتهم ترتفع في تلك المدة فرخص بالمقام ثلاثا لهذا التقدير الإقامة (وأما) اتحاد المكان، فالشرط نية مدة الإقامة في مكان واحد لأن الإقامة قرار والانتقال يضاده ولا بد من الانتقال في مكانين وإذا عرف هذا فنقول إذا نوى المسافر الإقامة خمسة عشر يوما في موضعين فإن كانا مصرا واحدا أو قرية واحدة صار مقيما لأنهما متحدان حكما ألا يرى أنه لو خرج إليه مسافرا لم يقصر فقد وجد الشرط وهو نية كمال مدة الإقامة في مكان واحد فصار مقيما وإن كانا مصرين نحو مكة ومنى أو الكوفة والحيرة أو قريتين أو أحدهما مصر والآخر قرية لا يصير مقيما لأنهما مكانان متباينان حقيقة وحكما ألا ترى أنه لو خرج إليه المسافر يقصر فلم يوجد الشرط وهو نية الإقامة في موضع واحد خمسة عشر يوما فلغت نيته، فإن نوى المسافر أن يقيم بالليالي في أحد الموضعين ويخرج بالنهار إلى الموضع الآخر فإن دخل أولا الموضع الذي نوى المقام فيه بالنهار لا يصير مقيما وإن دخل الموضع الذي نوى الإقامة فيه بالليالي يصير مقيما ثم بالخروج إلى الموضع الآخر لا يصير مسافرا لأن موضع إقامة الرجل حيث يبيت فيه ألا ترى أنه إذا قيل للسوقي أين تسكن يقول: في محلة كذا، وهو بالنهار يكون بالسوق.

وذكر في كتاب المناسك أن الحاج إذا دخل مكة في أيام العشر ونوى الإقامة خمسة عشر يوما أو دخل قبل أيام العشر لكن بقي إلى يوم التروية أقل