للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن راعى الزمان الأقل من مقامه تأول مقامه في الزمان الأكثر مما ادعاه خصمه على هذه الجهة، فقالت المالكية مثلا: إن الخمسة عشر يوما التي أقامها عليه الصلاة والسلام عام الفتح إنما أقامها وهو أبدا ينوي ألا يقيم أربعة أيام، وهذا بعينه يلزمهم في الزمان الذي حدوه. والأشبه في المجتهد في هذا أن يسلك أحد أمرين: إما أن يجعل الحكم لأكثر الزمان الذي روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه أقام فيه مقصرا، ويجعل ذلك حدا من جهة أن الأصل هو الإتمام فوجب ألا يزاد على هذا الزمان إلا بدليل، أو يقول: إن الأصل في هذا هو أقل الزمان الذي وقع عليه الإجماع، وما ورد من أنه عليه الصلاة والسلام أقام مقصرا أكثر من ذلك الزمان، فيحتمل أن يكون إقامة لأنه جائز للمسافر، ويحتمل أن يكون إقامة بنية الزمان الذي تجوز إقامته فيه مقصرا باتفاق، فعرض له أن أقام أكثر من ذلك، وإذا كان الاحتمال وجب التمسك بالأصل وأقل ما قيل في ذلك يوم وليلة، وهو قول ربيعة بن أبي عبد الرحمن وروي عن الحسن البصري أن المسافر يقصر أبدا إلا أن يقدم مصرا من الأمصار، وهذا بناء على أن اسم المسافر وأقع عليه حتى يقدم مصرا من الأمصار، فهذه أمهات المسائل التي تتعلق بالقصر (١).


(١) بداية المجتهد ص ١٢٢ - ١٢٣.