للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما ألفاظ الفضل فقوله: أجلى عمر اليهود معناه أخرجهم من ديارهم، قال أهل اللغة: يقال جلا القوم خرجوا من منازلهم، وأجليتهم وجلوتهم أخرجتهم ورامهرمز - بفتح الميم الأولى وضم الهاء وإسكان الراء وآخره زاي- وهي بلاد معروفة، وقوله: تسعة أشهر هو بالتاء. في أول تسعة، وقوله: الإقامة لا يلحقها الفسخ هو بالفاء أي لا ترفع بعد وجودها، والنية يمكن قطعها وإبطالها أما الأحاديث الواردة بالإقامة المقيدة ففي حديث ابن عباس تسعة عشر يوما كما ذكرنا عن رواية البخاري.

وفي رواية لأبي داود والبيهقي بإسناد صحيح على شرط البخاري سبعة عشر وفي رواية أخرى لأبي داود والبيهقي عن ابن عباس خمسة عشر، ولكنها ضعيفة مرسلة، وكان حديث ابن عباس هذا في إقامة النبي صلى الله عليه وسلم بمكة لحرب هوازن في عام الفتح، وروى أبو داود والبيهقي عن عمران بن حصين «أدى النبي صلى الله عليه وسلم أقام بمكة ثمان عشرة ليلة يقصر الصلاة (١)»، إلا أن في إسناده من لا يحتج به.

قال البيهقي: أصح الروايات في حديث ابن عباس تسعة عشر، وهي التي ذكرها البخاري، قال: ويمكن الجمع بين رواية ثمان عشرة وتسع عشرة وسبع عشرة، فإن من روى تسع عشرة عد يومي الدخول والخروج ومن روى سبع عشرة لم يعدهما، ومن روى ثمان عشرة عد أحدهما.

وروى أبو داود والبيهقي عن جابر «أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين يوما يقصد الصلاة (٢)»، لكن روي مسندا ومرسلا، قال بعضهم: ورواية المرسل أصح (قلت) ورواية المسند تفرد بها معمر بن راشد وهو إمام يجمع على جلالته وباقي الإسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم، فالحديث صحيح لأن الصحيح أنه إذا تعارض في الحديث إرسال وإسناد حكم بالمسند.

أما حكم الفصل فقال الشافعي والأصحاب: إذا نوى في أثناء طريقة


(١) سنن الترمذي الجمعة (٥٤٥)، سنن أبو داود الصلاة (١٢٢٩).
(٢) سنن أبو داود الصلاة (١٢٣٥)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٢٩٥).