الإقامة مطلقا أنقطع سفره فلا يجوز الترخص بشيء بالاتفاق، فلو جدد السير بعد ذلك فهو سفر جديد، فلا يجوز القصر إلا أن يقصد مرحلتين هذا إذا نوى الإقامة في موضع يصلح لها من بلد أو قرية أو واد يمكن البدوي الإقامة به ونحو ذلك، فأما المفازة ونحوها ففي انقطاع السفر والرخص بنية الإقامة فيها قولان مشهوران (أصحهما) عند الجمهور انقطاعه لأنه ليس بمسافر، فلا يترخص حتى يفارقها.
والثاني: لا ينقطع وله الترخص، لأنه لا يصلح للإقامة، فنيته لغو، هذا كله إذا نوى الإقامة وهو ماكث، أما إذا نواها وهو سائر فلا يصير مقيما بلا خلاف، صرح به البندنيجي وغيره لأن سبب القصر السفر، وهو موجود حقيقة، أما إذا نوى الإقامة في بلد ثلاثة أيام فأقل فلا ينقطع الترخص بلا خلاف وإن نوى إقامة أكثر من ثلاثة أيام.
قال الشافعي والأصحاب: إن نوى إقامة أربعة أيام صار مقيما وانقطعت الرخص، وهذا يقتضي أن نية دون أربعة لا تقطع السفر وإن زاد على ثلاثة، وقد صرح به كثيرون من أصحابنا.
وفي كيفية احتساب الأربعة وجهان حكاهما البغوي وآخرون (أحدهما) يحاسب منها يوما الدخول والخروج، كما يحسب يوم الحدث، ويوم نزع الخف من مدة المسح (وأصحهما) وبه قطع المصنف والجمهور: لا يحسبان لما ذكره المصنف، فعلى الأول لو دخل يوم السبت وقت الزوال بنية الخروج يوم الأربعاء وقت الزوال صار مقيما، وعلى الثاني: لا يصير، وإن دخل ضحوة السبت بنية الخروج عشية الأربعاء.
وأما قول إمام الحرمين والغزالي: متى نوى إقامة زيادة على ثلاثة أيام صار مقيما فموافق لما قاله الأصحاب لأنه لا يمكن زيادة على الثلاث غير يومي الدخول والخروج بحيث لا يبلغ الأربعة.
ثم الأيام المحتملة معدودة بلياليها ومتى نوى أربعه صار مقيما في الحال