للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى تسعة عشر، و (الخامس) إلى عشرين، و (السادس) أبدا، و (السابع) للمحارب مجاوزة أربعة وليس لغيره، ودليل الجميع يعرف مما ذكره المصنف، وذكرناه (الحال الثاني) أن يعلم أن شغله لا يفرغ قبل أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج كالمتفقه والمقيم لتجارة كبيرة ولصلاة الجمعة ونحوها، وبينه وبينها أربعة أيام فأكثر فإن كان محاربا وقلنا في الحال الأول:

لا يقصر فهاهنا أولى وإلا فقولان.

(أحدهما) يترخص أبدا (وأصحهما) لا يتجاوز ثمانية عشر، وإن كان غير محارب، فالمذهب أنه لا يترخص أصلا، وبه قطع الجمهور.

(والثاني) أنه كالمحارب حكاه الرافعي وآخرون وقالوا هو غلط (فإن قيل) ثبت في صحيحي البخاري ومسلم عن أنس قال: «خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصر حتى أتى مكة فأقمنا بها عشرا فلم يزل يقصر حتى رجع (١)»، فهذا كان في حجة الوداع، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد نوى إقامة هذه المدة، (فالجواب) ما أجاب به البيهقي وأصحابنا في كتب المذهب.

قالوا: ليس مراد أنس أنهم أقاموا في نفس مكة عشرة أيام، بل طرق الأحاديث الصحيحة من روايات جماعة من الصحابة متفقة على أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم مكة في حجته لأربع خلون من ذي الحجة فأقام بها ثلاثة ولم يحسب يوم الدخول ولا الثامن لأنه خرج فيه إلى منى فصلى بها الظهر والعصر وبات بها، وسار منها يوم التاسع إلى عرفات، ورجع فبات بمزدلفة، ثم أصبح فسار إلى منى فقضى نسكه، ثم أفاض إلى مكة فطاف للإفاضة ثم رجع إلى منى، فأقام بها ثلاثا يقصر ثم نفر فيها بعد الزوال في ثالث أيام التشريق فنزل بالمحصب وطاف في ليلته للوداع ثم رحل من مكة قبل صلاة الصبح فلم يقم صلى الله عليه وسلم أربعا في موضع واحد، والله أعلم.


(١) صحيح البخاري الجمعة (١٠٨١)، صحيح مسلم صلاة المسافرين وقصرها (٦٩٣)، سنن الترمذي الجمعة (٥٤٨)، سنن النسائي تقصير الصلاة في السفر (١٤٣٨)، سنن أبو داود الصلاة (١٢٣٣)، سنن ابن ماجه إقامة الصلاة والسنة فيها (١٠٧٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ١٤٥)، سنن الدارمي الصلاة (١٥١٠).