للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الشيرازي وإن ظهرت من الرجل أمارات النشوز لمرض بها أو كبر سن ورأت أن تصالحه بترك بعض حقوقها من قسم وغيره جاز لقوله عز وجل: {امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا} (١) قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها -: أنزل الله عز وجل هذه الآية في المرأة إذا دخلت في السن فتجعل يومها لامرأة أخرى (٢).

وقال شيخ الإسلام ابن تيميه - رحمه الله -:

ولا يحل للرجل أن يعضل المرأة ويضيق عليها حتى تعطيه الصداق أو بضعه، لكن إذا أتت بفاحشة مبينة كان له أن يعضلها حتى تفتدي نفسها منه. اه (٣).

أما إذا كان النشوز من الزوجة فإن لزوجها حق وعظها فإن لم يجد الوعظ كان له حق هجرها، فإن لم يفد الهجر كان له ضربها ضربا غير مبرح، فإن لم يجد ذلك كان له عضلها حتى تفتدي نفسها منه ببذلها ما آتاها أو بعضه لقاء تطليقه إياها لأنها باستمرارها على النشوز أتت فاحشة مبينة تبيح للزوج عضلها ليأخذ منها ما آتاها أو بعضه قال تعالى {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا} (٤) وقال تعالى {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٥).

قال ابن العربي من أحسن ما سمعت في تفسير هذه الآية قول سعيد بن جبير قال: يعظها فإن هي قبلت وإلا هجرها، فإن هي قبلت وإلا ضربها، فإن هي قبلت وإلا بعث حكما من أهله وحكما من أهلها فينظران ممن الضرر وعند ذلك يكون الخلع. اهـ (٦).

وقد سبق بعض الكلام على الحال التي تجيز للزوج أن يعضل امرأته لتفتدي نفسها منه وذلك عند الاستدلال بقوله تعالى {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (٧) وبقوله تعالى {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ} (٨) على تحريم عضل الزوج امرأته لتفتدي منه.


(١) سورة النساء الآية ١٢٨
(٢) المهذب ج٢ ص٧٠ مطبعة الحلبي.
(٣) مختصر الفتاوى المصرية ص٤٤٦.
(٤) سورة النساء الآية ٣٤
(٥) سورة النساء الآية ١٩
(٦) أحكام القرآن جـ ١ ص ١٧٥ - ١٧٦ الطبعة الأولى.
(٧) سورة النساء الآية ١٩
(٨) سورة البقرة الآية ٢٢٩