للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال: على أحاديث النهي عن صبر البهائم واتخاذ ما فيه الروح غرضا، صبر البهائم: حبسها لتقتل برمي ونحوه، وهو معنى «لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا (١)» أي لا تتخذوا الحيوان الحي غرضا ترمون إليه كالغرض من الجلود ونحوها: وهذا النهي للتحريم ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في رواية ابن عمر التي بعد هذه «لعن الله من فعل هذا، (٢)» ولأنه تعذيب للحيوان وإتلاف لنفسه، وتضييع لماليته، وتفويت لذكاته إن كان مذكى، ولمنفعته إن لم يكن مذكى " (٣).

أقول: وهذا من أعظم ما ينافي الإحسان والرحمة والشفقة بالحيوان ومن أكبر الظلم والتعذيب الذي حرمه الدين الإسلامي.

وجاء في تحفة الأحوذي: على حديث نهيه عليه الصلاة والسلام عن التحريش بين البهائم والضرب في الوجه.

قوله: " التحريش بين البهائم " هو الإغراء وتهييج بعضها على بعض كما يفعل بين الجمال والكباش والديوك وغيرها، ووجه النهي عن ذلك أنه إيلام للحيوانات وإتعاب لها بدون فائدة بل مجرد عبث.

وعن الوسم في الوجه: أي يحرم الوسم في الوجه وكذا " الضرب في الوجه " من كل حيوان محترم فيحرم ولو غير آدمي لأنه مجمع المحاسن مع أنه لطيف يظهر فيه أثر الضرب، وربما شانه وربما آذى بعض الحواس.

قال النووي: وأما الضرب في الوجه فمنهي عنه في كل الحيوان المحترم من الآدمي والحمير والخيل والإبل والبغال والغنم وغيرها. لكنه في الآدمي أشد لأنه مجمع المحاسن مع أنه لطيف لأنه يظهر فيه أثر الضرب وربما شانه وربما آذى بعض الحواس. اهـ

وفي تحفة الأحوذي قال: أيضا في موضع آخر عند قوله " باب ما جاء في كراهية التحريش " إذا أطلقت الكراهة فالمراد بها التحريم. أهـ (٤).


(١) صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٧)، سنن الترمذي الأطعمة (١٤٧٥)، سنن النسائي الضحايا (٤٤٤٣)، سنن ابن ماجه الذبائح (٣١٨٧)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٢٩٧).
(٢) صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٥٨)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ١٤١).
(٣) النووي على مسلم ١٣/ ١٠٧ - ١٠٨.
(٤) انظر جامع الترمذي مع شرحه تحفة الأحوذي جـ ٣ ص: ٣٥ ببعض التصرف.