وفيما يتعلق بالتعليل بالحكمة، فهو عند بعض علماء الأصول جائز مطلقا، وراجح عند البعض الآخر، ونقل الآمدي أن الأكثرين يمنعونه مطلقا، ولكن الآمدي اختار أنه إذا كانت الحكمة ظاهرة منضبطة بنفسها جاز التعليل بها وإلا فلا.
ومن يرون عدم التعليل بالحكمة يقولون إن الحكمة تابعة للحكم، وعلة الشيء يستحيل تأخرها عن الشيء، ولذا فإن الحكمة لا تكون علة، والحكمة هي المؤثر الحقيقي، وإنما جعل الوصف مؤثرا لاشتماله عليها، واستقراء الشريعة يدل على أن الأحكام معللة بالأوصاف لا بالحكم، ولو جاز التعليل بالحكمة لما اعتبر الشارع المظان عند تحقق خلوها عن الحكمة.
رأينا: وإذا كان هذا القول يتعلق بمباحث العلة في القياس، فإنه لا يجوز نقل أي خلاف فيه إلى مجال البحث عن الحكم التشريعية في نصوص الكتاب والسنة، لأن من الممكن في غالب الأحوال، ربط الحكم بالحكمة في كثير من الأحكام الشرعية، وحسب المؤمن الصادق أن يكتفي بذلك، كما أن الخلاف الأصولي قد انحسم لمصلحة إمكان تعليل الأحكام بالحكمة، في الحالات غير الشائكة، وهو ما يعنينا الآن، ولذا يمكن القول:
١ - إن التعليل بالحكمة موجود ويمكن الوقوف عليه في كثير من نصوص الكتاب والسنة.
٢ - كما أن الشارع الحكيم أقام أحكام المعاملات على المصلحة حيث وجدت، حتى وإن أفضى ذلك إلى عدم اعتبار الأوصاف، وهذا يجعلنا نؤمن بأنه بعيدا عن دائرة الجدل المحسوم غالبا لصالح الحكمة، فإن التعليل