للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيما يتعلق بزكاة المال، فإن تعميق حكمتها المشار إليها بما يتسع له المقام، إنما هو أمر يقتضيه تثبيت عقيدة المؤمن على نحو يحول دون تزلزلها أو اهتزازها أمام دعوات الهدم ومحاولات الافتراء على شرع الله، وبالجملة فإنه إذا "كان بيان الحكمة من التشريع أمرا محمودا على كل حال فهو في عصرنا أمر لازم؛ لغلبة الأفكار المفسدة، والتيارات المضللة والوافدة من الشرق والغرب " (١).

وكل ذلك في ضوء الحقيقة الإيمانية القائلة إن المؤمن إذا كان في مسائل معاملاته يحتاج إلى الالتفات إلى الحكم والمعاني (٢)، فإن أمور العبادات ومنها الزكاة، تحتاج إلى تصديق كامل دون بحث عن معنى أو علة أو حكمة فهذا هو مقتضى عقيدة التوحيد.

ومع ذلك فإن أعداء الإسلام يقولون إن الزكاة تنقص مال المسلم وهذا خطأ لأسباب أهمها: أولا: أن تكاليف الله تعالى تزيد المؤمن ولا تنقصه وفي الزكاة ربط على قلوب المسلمين، ومنع لهم من أن تلهيهم أموال الله التي آتاهم، فإن الذي أعطى ابتداء قد أعطى عن غنى ولذا فإن عدله ورحمته لا تقبل الانتقاص مما أعطى، فالزكاة تثمر وتنمي (٣). وبها يطهر المال ويزداد (٤).

وثانيا: إن الله تعالى لم يفرض الزكاة بقوله تعالى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} (٥) وقد فرضها على مالك (ملكا إضافيا فالمال مال الله) ملكا تاما لمال نام أو قابل للنماء، وأن يبلغ المال نصابا محددا، فلا زكاة عن الأنعام أو الذهب والفضة أو مال التجارة أو الزروع والثمار أو العسل ومثله أو كسب العمل أو الأسهم والسندات أو غير ذلك إلا إذا بلغ المال نصابا معينا، ولذا قال صلى الله عليه وسلم: «ما


(١) د. يوسف القرضاوي، فقه الزكاة، ط ٤ (١٤٠٠هـ)، ج ١، ص ٢١.
(٢) الموافقات للشاطبي، مرجع سابق، ص ٣٠.
(٣) ابن قدامة المغني، مكتبة الرياض الحديثة، ج ٢ (صححه الشيخان محيسن وإسماعيل)، ص ٥٧٢.
(٤) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، ج ٢٥، ص ٨.
(٥) سورة البقرة الآية ١١٠