للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإذا ثبت أن الإنسان فعال وأنه مختار فيما يفعله وأنه لا تشابه بين فعل الحق سبحانه وتعالى وفعل العبد، بطل ما يزعمونه من أنه لا فعل للعبد لما يلزم من المشابهة بين الله وخلقه.

الشبهة الثالثة: كذلك مما جر الجبرية إلى القول بهذه البدعة اعتقادهم بأنه يترتب على القول بإثبات القدرة للعبد قصور قدرة الله عن بعض المخلوقات ووجود شريك له في الخلق، والله يقول: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (١) الآية.

ويقول تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (٢) (٣).

المناقشة: يقال لهم: اعتقادكم هذا باطل فإنه لا يترتب على القول بأن للعبد قدرة ومشيئة تحت قدرة الله ومشيئته ما ذكرتم من قصور قدرة الله عن بعض المخلوقات ووجود الشريك إلا إذا قيل بأن العبد مستقل بقدرته ومشيئته.

كما أن استدلالكم بهذه الآيات على هذا الاعتقاد باطل، فإنها لا تدل على ما زعمتموه، إذ أنها لا تنافي وجود قدرة للعبد تحت قدرة الله يفعل بها، فتكون أعماله خلقا له مخلوقة لله.


(١) سورة الزمر الآية ٦٢
(٢) سورة الصافات الآية ٩٦
(٣) انظر الفصل لابن حزم جـ ٣، ص ٥٧.