للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشبهة الأولى: قوله تعالى: {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} (١) الآية.

وجه الاستدلال بالآية: يقول القاضي عبد الجبار - بعد أن أورد هذه الآية للاستدلال - ". . . إن الله سبحانه وتعالى بين أن أفعاله كلها متقنة، والإتقان يتضمن الأحكام والحسن جميعا - حتى لو كان محكما، ولو لم يكن حسنا لكان لا يوصف بالإتقان، ألا ترى أن أحدنا لو تكلم بكلام فصيح يشتمل على الفحش. . .، فإنه وإن وصف بالإحكام لا يوصف بالإتقان، ثم قال: إذا ثبت هذا ومعلوم أن في أفعال العباد ما يشتمل على التهود والتنصر والتمجس، وليس شيء من ذلك متقنا، فلا يجوز أن يكون الله تعالى خالقا لها " (٢).

الجواب: يقال لهم إن هذا الاستدلال باطل لما يلي:

أولا: إن الإتقان لا يحصل إلا في المركبات، فيمتنع وصف الأعراض به (٣). وإذا لم توصف الأعراض بالإتقان، بطل الاستدلال بالآية لأن الاستدلال بها ينبني على أن الإتقان يكون في الأعراض.

ثانيا: يقول الإمام ابن حزم: " إن هذه الآية حجة عليهم لا لهم لأن الله تعالى أخبر أنه بصنعه أتقن كل شيء، وهذا على عمومه وظاهره، فالله تعالى صانع كل شيء، وإتقانه له أن خلقه جوهرا أو عرضا جاريين على رتبة واحدة أبدا، وهذا عين الإتقان (٤). وبهذا يظهر بطلان الاستدلال بالآية والله أعلم.

الشبهة الثانية: يقول القاضي عبد الجبار. " ومن الأدلة على أن العباد خالقون أفعالهم قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا} (٥) الآية.

ثم قال: فقد نفى الله تعالى أن يكون في خلقه باطل، فلولا أن هذه القبائح


(١) سورة النمل الآية ٨٨
(٢) شرح الأصول الخمسة ص ٣٥٨.
(٣) التفسير الكبير جـ ٢٤، ص ٢٢٠.
(٤) الفصل جـ ٣، ص ٦٥.
(٥) سورة ص الآية ٢٧