للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرها من التصرفات من جهتنا ومتعلقة بنا، وإلا كان يجب أن تكون الأباطيل كلها من قبله، فيكون مبطلا كاذبا. تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا " (١).

الجواب: يقال لهم: إن معنى الآية أن الله تعالى ما خلق السماوات والأرض وما بينهما - عبثا ولعبا - على ما يتوهمه من زعم أنه لا حشر، ولا نشر، ولا ثواب، ولا عقاب، بل خلقهما بالحق للاعتبار بهما والاستدلال على خالقهما، ومن ثم إثابة المتقين الطائعين، ومجازاة المذنبين والكافرين، ولذلك قال تعالى - بعدها - {ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} (٢). يعني من إنكارهم الثواب والجزاء والعقاب. وعلى ذلك فقولهم: إن معنى الآية " نفي أن يكون في خلقه باطل " غير صحيح، وإذا كان غير صحيح بطل بالاستدلال بالآية.

الشبهة الثالثة: قالت القدرية: وجدنا أفعالنا واقعة على حسب قصدنا، فوجب أن تكون خلقا لنا، وفعلا لنا، قالوا: وبيان ذلك؛ أن الواحد منا إذا أراد أن يقوم قام، وإذا أراد أن يقعد قعد، وإذا أراد أن يتحرك تحرك، وإذا أراد أن يسكن سكن، وغير ذلك. فإذا حصلت أفعاله على حسب قصده ومقتضى إرادته، دل ذلك على أن أفعاله خلق له وفعل له (٣).

الجواب: يقال لهم: إن هذه الشبهة باطلة وبيان ذلك من وجوه منها:

أولا: قولكم: " إن أفعال العباد تحصل بحسب قصودهم. . . " غير صحيح على إطلاقه فإنا نرى من يريد شيئا ويقصده، ولا يحصل له ذلك فإنه ربما أراد أن ينطق بصواب فيخطئ، وربما أراد أكلا لقوة وصحة فيضعف ويمرض،


(١) شرح الأصول الخمسة ص ٣٦٢.
(٢) سورة ص الآية ٢٧
(٣) شرح الأصول الخمسة ص ٣٣٦ - ٣٣٧ والإنصاف ص ١٣٥.