للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد لفظ الآية ومعناها عن هذا التقدير، وأنها لا تدل عليه بوجه، بل هي دالة على خلافه، وهذا بحمد الله واضح.

- وبعث عثمان بن عفان - رضي الله تعالى عنه - عبد الله بن عباس ومعاوية حكمين بين عقيل بن أبي طالب وامرأته فاطمة بنت عتبة بن ربيعة، فقيل لهما " إن رأيتما أن تفرقا فرقتما " وصح عن علي بن أبي طالب - رضي الله تعالى عنه - أنه قال للحكمين بين الزوجين " عليكما أن رأيتما أن تفرقا فرقتما وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما " فهذا عثمان، وعلي وابن عباس ومعاوية جعلوا الحكم إلى الحكمين ولا يعرف لهم من الصحابة مخالف، وإنما يعرف الخلاف بين التابعين فمن بعدهم. والله أعلم.

وإذا قلنا: إنهما وكيلان فهل يجبر الزوجان على توكيل الزوج في الفرقة بعوض وغيره وتوكيل الزوجة في بذل العوض، أو لا يجبران؟ على روايتين:

فإن قلنا: يجبران، فلم يوكلا، جعل الحاكم ذلك إلى الحكمين بغير رضا الزوجين.

وإن قلنا: إنهما حكمان لم يحتج إلى رضا الزوجين، وعلى هذا النزاع: ينبني ما لو غاب الزوجان أو أحدهما، فإن قيل إنهما وكيلان: لم ينقطع نظر الحكمين، وإن قيل: حكمان انقطع نظرهما لعدم الحكم على الغائب، وقيل يبقى نظرهما على قولين، لأنهما يتصرفان بحظهما، فهما كالناظرين، وإن جن الزوجان انقطع نظر الحكمين، وإن قيل: إنهما وكيلان، لأنهما فرع الموكلين، ولم ينقطع إن قيل: إنهما حكمان لأن الحاكم يلي على المجنون وقيل: ينقطع أيضا لأنهما منصوبان عنهما، فكأنما وكيلان ولا ريب أنهما حكمان، فيهما شائبة الوكالة، ووكيلان منصوبان للحكم، فمن العلماء من رجح جانب الوكالة، ومنهم من اعتبر الأمرين. اهـ (١)


(١) زاد المعاد ج٤ ص٦٣ وما بعدها