للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن أستاذين كبيرين من أساتذة القانون العربي لم يستطيعا أن يقبلا هذه المحاولة، على أساس أنها تقصر التحريم على صورة مزعومة لربا الجاهلية المحرم؛ فحسب تعبير الدكتور عبد الرزاق السنهوري: " غني عن البيان أن القول بأن ربا الفضل وربا النسيئة إنما نهي عنهما في الحديث الشريف نهي كراهة لا نهي تحريم لا يتفق مع ما أجمعت عليه المذاهب "، " الذي انعقد عليه الإجماع أن كل ذلك ربا محرم، لا ربا مكروه فحسب ".

وحسب تعبير الدكتور زكي الدين بدوي: (قول الشيخ محمد رشيد إن النهي عن بيع الأصناف الواردة في الحديث كان تورعا، لإفادة أن بيعها خلاف الأولى، أو كان للكراهية فقط لا للتحريم فدعوى تتعارض مع ظواهر نصوص الأحاديث، والمأثور عن الصحابة؛ فظاهر الأحاديث يفيد التحريم؛ إذ يطلق على هذه البيوع لفظ ربا، ومعلوم إثمه، وما خص به من شديد الوعيد) " دلالة الأحاديث عليها لا تختلف فيها الإفهام ".

ويضاف إلى اعتراضات الأستاذين المشار إليهما ما يأتي.

١ - لو فرض أن لفظ (الربا) في آيات سورة البقرة (مجملة) فإن القاعدة الأصولية أنه يرجع في تبيين المجمل في القرآن إلى نصوص القرآن، وإلى صحيح السنة النبوية؛ فآية سورة النساء تبين أن مفهوم هذه اللفظة (الربا) الذي اعتاد اليهود على ممارسته، وهو إقراض النقود لأجل بفائدة، وثبوت هذا لا ينازع فيه إلا مكابر، كما أن الأحاديث الثابتة ثبوتا قطعيا، والصريحة في دلالتها لا تجعل مجالا للشك في دخول القرض لأجل بفائدة في مفهوم الربا.

٢ - أن الربا بهذا المفهوم هو المعروف عند الناس، عند نزول الوحي، فلا يجوز صرف معناه عن هذا المفهوم إلا بدليل، ولم تقدم المحاولة دليلا قويا أو ضعيفا ثابتا أو غير ثابت على ذلك.

٣ - أن صرف اللفظ إلى هذا المفهوم الضيق يخرج ربا النسيئة عن مفهوم الربا المحرم، وهذا مخالف لإجماع الأمة، من عصر الرسول صلى الله