للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحقيقة الواضحة أنه إذا كان لنظام الفائدة، في كثير من الأحوال، تأثير سلبي على الاقتصاد، كما شرح، وذلك في البلدان التي تتقبل اتجاهاتها الأخلاقية هذا النظام، فما ظنك بأثر هذا النظام على الاقتصاد، في بلاد استقر ضمائرها واتجاهها الخلقي كراهيته، إلى درجة أن تعتقد أنها بقبوله تأذن بالحرب على الله، وتعتقد أن نتيجته على سلوكها الاقتصادي المحق والدمار.

وهذه الحقيقة توجب الإشارة إلى حقيقة أخرى هي:

أنه لا بد لنجاح نظام اقتصادي، في بلد ما، أن يتناسق ويتناغم مع النظام الخلقي والقيم الثقافية التي تسود في ذلك البلد. ومن المستحيل أن يزدهر نظام اقتصادي أو أساليب اقتصادية في بلد، مع معارضة ذلك النظام أو تلك الأساليب للقيم الخلقية والمعتقدات السائدة، إن الشرط الأساسي لازدهار الاقتصاد، في بلد ما، أن يحوز لينسجم مع نظام البلد الأخلاقي، أو أن يحوز النظام الأخلاقي لينسجم مع الاقتصاد، وبدون ذلك يكون الاقتصاد كشجرة مغروسة في تربة ومناخ غير ملائم لها.

يمكن تلخيص ما سبق فيما يأتي:

ا - أن الربا ليس مفهوما غامضا، وإنما هو معاملة معروفة استقر، في الضمير الخلقي للإنسان منذ أقدم العصور، كراهيته واعتباره عملا غير أخلاقي.

٢ - أن هذا المفهوم ليس شيئا غير ربا النسيئة، حيث يدفع الممول المال لطالب التمويل لأجل، بشرط أن يرده بزيادة في مقابل الأجل.

٣ - الربا، بهذا المفهوم، كانت تمارسه جاهلية العرب، كما كانت تمارسه جاهلية اليهود عند نزول القرآن.

٤ - الربا بهذا المفهوم حرمته الشرائع السماوية؛ الموسوية، المسيحية، والإسلام، وذلك بمختلف صوره، ومهما كان حجمه.

٥ - في الماضي، وبسبب ضغوط الواقع، اتجه عدد من المفكرين المسلمين إلى محاولات للتوفيق بين واقع النظام المبني على نظام الفائدة والأحكام