للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان للإمارة لخليق، وإن ابنه من بعده لخليق بالإمارة، وإن كان لأحب الناس إلي، وإن هذا لمن أحب الناس إلي، وإنهما لمخيلان لكل خير، فاستوصوا به خيرا، فإنه من خياركم (١)».

ولذا نرى عمر رضي الله عنه قد اهتم بالانضواء تحت إمرة أسامة بن زيد رضي الله عنهما، كما انقاد مثله كثير من كبار المهاجرين والأنصار؛ حيث لم يبق من المهاجرين أحد إلا انتدب في تلك الغزوة، ومن هؤلاء: عمر بن الخطاب، وأبو عبيدة وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من المهاجرين، وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم من الأنصار وغيرهم.

لكن أبا بكر رضي الله عنه، لما بويع- سأل أسامة أن يبقى عنده في المدينة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأن يعفيه من الذهاب في هذا البعث؛ لحاجته إليه في الاستشارة والإعانة- ففعل أسامة تقديرا منه لأبي بكر، وإعانة له في المهمة الكبيرة المناطة به (٢).

ولما تقلد عمر رضي الله عنه إمرة المؤمنين بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وبدأ تدوين العطاءات للمهاجرين والأنصار. نراه «يفرض لأسامة بن زيد رضي الله عنهما ثلاثة آلاف وخمسمائة، ويفرض لابنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ثلاثة آلف فقط، ولما قال عبد الله لأبيه: لم فضلت أسامة علي، فوالله ما سبقني إلى مشهد. قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه في جواب محكم: اسكت عبد الله، وأعطاه درسا سار عليه بقية حياته؛ لأن زيدا كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك، وكان أسامة أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك، فآثرت حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، على حبي (٣)»، أخرجه الترمذي، وقال حسن غريب.


(١) حياة الصحابة ١: ٤٠٧، نقلا عن ابن عساكر في التهدب ١: ١٢٠، في قصة اهتمامه صلى الله عليه وسلم ببعث أسامة إلى الشام في مرض وفاته.
(٢) من حديث رواه الترمذي في مناقب أسامة برقم ٣٨١٩، وانظر طبقات ابن سعد ٤: ٦٧.
(٣) سنن الترمذي المناقب (٣٨١٣).