للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت في العام الرابع من بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم (١)، بمكة، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جهز هذا البعث الذي أسند إمرته إلى أسامة بن زيد، رضي الله عنهما، في المرض الذي توفي فيه، عليه الصلاة والسلام، وكان هذا في السنة العاشرة من الهجرة، فإنه يترجح لدينا أن ولادته رضي الله عنه كانت في السنة الثامنة قبل الهجرة، وليست في السنة السابعة، كما ذكر الزركلي عند مروره باسمه في تراجمه (٢)؛ إذ يلزم من ذلك أن يكون عمره رضي الله عنه عندما أسندت إليه هذه الإمارة، في آخر شهر صفر من عام ١٠ هـ بعد حجة الوداع، كما ذكر ابن هشام في سيرته (٣) سبعة عشر عاما، ولا تكون أيضا في الرابع من البعثة، كما جاء في دائرة المعارف الإسلامية المشار إليه آنفا، فكانت نشأته في مكة؛ حيث عاش في بيت النبوة ثمان سنوات، ترعاه أمومة حانية هي الحضن الذي حنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في مثل سن أسامة، فكان هذا موطن اعتزاز وشرف، ثم لما وعت أحاسيسه لما يدور من حوله، تأدب بأخلاق النبوة، توجيها وعناية وحنوا وعطفا، فكان يلقى من رسول الله أكثر مما يجد من أبيه الذي هو من صلبه حبا وشفقة، ثم هاجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، بمصاحبة والديه الملازمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتفتحت مواهبه على توجيهات ورعاية رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان يأخذ من كل موقف درسا، ومن كل حادثة تمر عليه عبرة وعظة، فمن ذلك:

١ - أنه عسكر بجيشه الذي أنفذه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجرف، وهو موضع قرب المدينة على ثلاثة أميال منها، به كانت أموال عمر رضي الله عنه، وهو الموضع الذي استعرض فيه أبو بكر رضي الله عنه القبائل، حتى مر ببني فزارة (٤)؛ حتى تتام الناس إليه فخرجوا، وثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام والناس معه، لينظروا ما الله قاض في رسوله. . فلما توفي رسول الله،


(١) دائرة المعارف الإسلامية ٣: ٢٢٩.
(٢) الأعلام ١: ٢٨١.
(٣) السيرة النبوية لابن هشام ٤: ٢٥٣.
(٤) تاج العروس ٦: ٥٦.