للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنه كان يسمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حين أمر أسامة، فبلغه أن الناس عابوا أسامة، وطعنوا في إمارته، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، فقال: كما حدث سالم: «ألا إنكم تعيبون أسامة وتطعنون في إمارته، وقد فعلتم ذلك بأبيه من قبل، وإن كان لخليقا للإمارة، وإن كان لأحب الناس كلهم إلي، وإن ابنه هذا من بعده لأحب الناس إلي، فاستوصوا به خيرا، فإنه من خياركم (١)». قال سالم: ما سمعت عبد الله يحدث هذا الحديث قط، إلا قال: ما حاشا فاطمة (٢)، وقد وردت روايات عديدة في رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم إنفاذ جيش أسامة، ومنها تشديده صلوات الله وسلامه عليه على من اعترض على إمارته، وما ذلك إلا أن الاعتراض عليها مخالفة لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتشكيك في حسن اختياره؛ إذ جميع أعماله عليه الصلاة والسلام تشريع للأمة، وقاعدة ينبغي الثبات عليها، لما وراءها من مصالح بعيدة الغور، ونتائج تريح المجتمعات، مهما مرت بها من أزمات ونوائب.

٥ - وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو له، وأكرم بها من منزلة تدل على مكانة هذا الصحابي، واهتمام رسول الله صلى الله عليه وسلم به منذ ولادته؛ فقد روى الترمذي في مناقبه رضي الله عنه حديثا، قال فيه أسامة رضي الله عنه: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عقد لي لواء في مرضه الذي مات فيه، وبرزت بالناس فلما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم أتيته يوما، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده علي ويرفعها، فعرفت أنه كان يدعو لي، فلما بويع أبو بكر كان أول ما صنع، أمر بإنفاذ تلك الراية التي عقدها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه كان قد سألني في عمر أن أتركه له، ففعلت»، هذه الرواية ذكرها البخاري، وفي رواية الترمذي قال.

«لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم هبطت، وهبط الناس إلى المدينة، فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أصمت فلم يتكلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده


(١) أخرج الحديث البخاري ومسلم والترمذي في المناقب.
(٢) طبقات ابن سعد ٤: ٦٦.