للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أحب الله ورسوله فليحب أسامة بن زيد (١)»، ولهذا لما «فرض عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس في الديوان، فرض لأسامة بن زيد في خمسة آلاف، وأعطى ابنه عبد الله بن عمر في أربعة آلاف، فقيل له في ذلك؟ فقال: إنه كان أحب إلى رسول الله منك، وأبوه كان أحب إلى رسول الله من أبيك (٢)»

٣ - وقد ذكر ابن كثير في تاريخه: أن أسامة كان أسود كالليل، وأن أباه زيدا كان أبيض شديد البياض؛ ولهذا طعن بعض من لا يعلم في نسبه منه، ولما «مر مجزر المدلجي عليهما، وهما نائمان في قطيفة، وقد بدت أقدامهما، أسامة بسواده، وأبوه زيد ببياضه- قال: سبحان الله إن بعض هذه الأقدام لمن بعض، فأعجب بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخل على عائشة مسرورا، تبرق أسارير وجهه، فقال: ألم تري أن مجزرا أبصر آنفا إلى زيد بن حارثة وأسامة بن زيد، فقال: إن بعض هذه الأقدام لمن بعض (٣)».

وعلق على ذلك ابن كثير بقوله: " ولهذا أخذ الفقهاء من علماء الحديث، كالشافعي وأحمد من هذا الحديث، من حيث التقرير عليه، والاستبشار به، العمل بقول القافلة في اختلاط الأنساب واشتباهها، كما هو مقرر في موضعه (٤).

٤ - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توسم فيه السداد والأهلية، مع حداثة سنه، فعهد إليه بإمارة البعث الذي جهزه صلى الله عليه وسلم قبل وفاته إلى الشام، وأوصاه ودعا له، فكان جديرا بهذه المكانة وكفئا لها، كما كان والده أهلا لقيادة الجيش في غزوة مؤتة عام ٨ هـ، الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أرض الشام، فقتل رضي الله عنه في تلك الموقعة، هو وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة رضي الله عنهم جميعا؛ فقد روى ابن سعد حديثا بسنده إلى سالم عن أبيه،


(١) مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٥٧).
(٢) البداية والنهاية ٥: ٣١٢. والترمذي برقم ٣٨١٣ رواية الترمذي ثلاثة آلاف وخمسمائة لأسامة، وثلاثة آلاف لعبد الله بن عمر، وجاءت روايات أخرى بغير هاتين، ولعل الاختلاف بحسب ما يزيد في إيرادات الغنائم.
(٣) طبقات ابن سعد ٤: ٦٣، البداية والنهاية ٥: ٣١٢.
(٤) البداية والنهاية ٥: ٣١٢.