للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالثة: بسندها عن حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح، ورديفه أسامة بن زيد، فأناخ في ظل الكعبة، قال ابن عمر: فسبقت الناس، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وبلال وأسامة الكعبة، فقلت لبلال، وهو وراء الباب: أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: بحيالك بين الساريتين (٢)».

ومع هذا فيلاحظ المهتم: أن كل مرة اقترنت بفائدة شرعية، مما يدل على ملازمة أسامة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ مع صغر سنه، فقد ثبت أنه روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ١٢٨ حديثا، ثبتت في الصحاح؛ حيث روى عنه الجماعة في كتبهم الستة، وهذا من خصائص هذا الصحابي الجليل، الذي يعتبر من شباب الصحابة، وممن ولد في الإسلام، ولم يدن بغيره.

٨ - كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخصه بما يهدى إليه، ويؤثره بها، وهذا من منبع المحبة لهذا الصحابي، وفي نقل الخبر عن كل حالة، يستمد المسلم أثرا شرعيا، يجب عليه أن يتأسى به في النفس، وفي العمل؛ ففي النفس لما تتركه الهدية من ألفة بين النفوس، ومحبة تتقرب بها الأفئدة، وفي العمل لما يجب على المسلم أن يسترشد به من حكم، وما يأخذه من فائدة؛ لأن توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو إلا حكم شرعي، والتأسي بصحابته في قدوتهم عبادة يتقرب بها المسلم إلى الله.

فقد روى ابن سعد بسنده، عن أسامة بن زيد، أنه قال: «كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهدى دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك لم تلبس القبطية؟ قال: قلت: يا رسول الله، كسوتها امرأتي. قال: فقال صلى الله عليه وسلم: مرها فلتجعل تحتها غلالة، إني أخاف أن تعض حجم عظامها (٣)».

وفي مرة ثانية «أهدى حكيم بن حزام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة كانت لذي


(١) صحيح البخاري الصلاة (٣٩٧)، سنن أبو داود المناسك (٢٠٢٣)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠٦٣)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٣)، موطأ مالك الحج (٩١٠)، سنن الدارمي المناسك (١٨٦٦).
(٢) الطبقات ٤: ٦٤. (١)
(٣) طبقات ابن سعد ٤: ٦٤.