للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أبي بكر، وعمر، وعثمان، وأبي عبيدة، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد رضي الله عنهم، فقالوا: يا خليفة رسول الله، إن العرب قد انتفضت عليك من كل جانب، وإنك لا تصنع بتفريق هذا الجيش المنتشر شيئا، اجعلهم عدة لأهل الردة، ترمي بهم في نحورهم، وأخرى لا تأمن على أهل المدينة، أن يغار عليها، وفيها الذراري والنساء، ولو تأخرت لغزو الروم، حتى يضرب الإسلام بجرانه، ويعود أهل الردة إلى ما خرجوا منه، أو يفنيهم السيف، ثم تبعث أسامة حينئذ، فنحن نأمن الروم أن تزحف إلينا. فلما استوعب أبو بكر كلامهم، قال: هل منكم أحد يريد أن يقول شيئا؟ قالوا: لا، قد سمعت مقالتنا، فقال: والذي نفسي بيده، لو ظننت أن السباع تأكلني بالمدينة، لأنفذت هذا البعث، ولا بد أن يئوب منه، كيف ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عليه الوحي من السماء، يقول: أنفذوا جيش أسامة، ولكن خصلة أكلم فيها أسامة، أكلمه في عمر يقيم عندنا، فإنه لا غنى بنا عنه، والله ما أدري يفعل أسامة أم لا؟ والله إن أبى لأكرهه.

فعرف القوم أن أبا بكر عزم على إنفاذ بعث أسامة، ومشى أبو بكر إلى أسامة في بيته، وكلمه في أن يترك عمر، ففعل، وجعل يقول له: أذنت ونفسك طيبة؟ فقال أسامة: نعم، قال: فخرج وأمر مناديه ينادي عزمة مني أن لا يتخلف عن أسامة من بعثه من كان انتدب معه في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني لن أوتى بأحد أبطأ عن الخروج عنه، إلا ألحقته به ماشيا، وأرسل إلى النفر من المهاجرين الذين كانوا تكلموا في إمارة أسامة، فغلظ عليهم وأخذهم بالخروج، فلم يتخلف إنسان واحد، وخرج أبو بكر يشيع أسامة والمسلمين، فلما ركب من الجرف في أصحابه، وهم ثلاثة آلاف رجل، وفيهم ألف فرس، فسار أبو بكر إلى جنب أسامة ساعة، ثم قال: أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاك، فانفذ لأمر رسول الله، فإني لست آمرك ولا أنهاك عنه، إنما أنا منفذ لأمر أمر به رسول الله.

فخرج سريعا، فوطئ بلادا هادئة، لم يرجعوا عن الإسلام مثل جهينة. وغيرها من قضاعة، فلما نزل بوادي القرى، قدم عينا له من بني عذرة يدعى