جانبا واحدا كاف لتناوله بالدراسة والبحث، ولما كان عملي التدريس لعلوم التفسير في الدراسات العليا، ومن خلال استقرائي لكثير من كتب التفسير، لفت انتباهي مواقف علماء التفسير من القراءات، ما بين مدافع ومرجح وطاعن، وقد أسهم الطاعنون من المفسرين إسهاما كبيرا في تغذية المستشرقين في طعنهم بالدين، وأنهم وإن قالوا ما قالوا، عن حسن نية أو عن سوء قصد، إلا أن المستشرقين لم يكتبوا بأي حال، إلا عن سوء نية وقصد في الطعن في الدين. .
من أجل هذا، عقدت العزم على الكتابة في هذا الموضوع الذي لم ينل حظه من العناية والرعاية، بيد أن الكتابة في جميع جوانبه تحتاج إلى جهد لست ببالغه في هذا البحث، وأسأل الله أن يعين على التمام؛ لذا تناولت ما تعلق بموقف علماء التفسير من القراءات، تاركا الحديث عن نشأتها إلى ما كتبه الأستاذ الفاضل الدكتور إبراهيم خليفة، ناقدا للمستشرق الماكر جولد زيهر، الذي ألف كتابا بعنوان " المذاهب الإسلامية في تفسير القرآن الكريم"، وقد خص فيه موضوع القراءات، وأتى بأقوال وأهوال في موضوع القراءات، ولم تنل من الرد الكافي عند العلماء، إلا حين انبرى للرد الدكتور المذكور في كتابه مناهج المفسرين، وأتى من الكلام بما لا يزاد عليه، وقد أحسن وأجاد في مذكراته عن القراءات القرآنية.
أما عن موضوع القراءات عند اللغويين- فقد طلع علينا كتاب قيم، للأستاذ الدكتور إبراهيم رفيده " النحو وكتب التفسير"، وبقي الحديث عن جوانب أخرى؛ منها الجانب الذي أكتب فيه هذا البحث.
خطتي في البحث:
كنت أطمح للكتابة في موضوع القراءات بين المفسرين وأهل اللغة والمستشرقين، ولكن رأيت أن مجال البحث سيطول؛ لذا اقتصرت على جانب واحد " القراءات القرآنية وموقف المفسرين منها "، وآمل أن أتعرض للجوانب الأخرى إن شاء الله.