فمن حديث عمر وهشام رضي الله عنهما، يتبين لنا أن تعدد القراءات سببه واحد، هو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأ كلا منهما تلك القراءة، كما أنزلت من عند الله تعالى.
ومن حديث أبي بن كعب رضي الله عنه، أن عدد القراءات ثلاث، وكلها حسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنها متلوة من الوحي، جعلها الله من باب التهوين والتسهيل على أمته.
يقول الشيخ الزرقاني، رحمه الله: ثم إن الصحابة، رضوان الله عليهم، قد اختلف أخذهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فمنهم من أخذ القرآن عنه بحرف واحد، ومنهم من أخذه عنه بحرفين، ومنهم من زاد، ثم تفرقوا في البلاد، وهم على هذه الحال، فاختلف بسبب ذلك أخذ التابعين عنهم، وأخذ تابعي التابعين وهلم جرا، حتى وصل الأمر، على هذا النحو، إلى الأئمة القراء المشهورين، الذين تخصصوا وانقطعوا للقراءات يضبطونها ويعنون بها وينشرونها) (١).
إذن: فالأمر في تعدد القراءات أمر أخذ ونقل من الوحي، فلا يجوز لمسلم أن يعزو أية قراءة لغير ذلك، كما صنع المستشرق (جولد زيهر) وغيره من المستشرقين، الذين عزوا القراءات إلى القارئين، الذين مارس كل واحد منهم القراءة القرآنية ليصحح القرآن، وأن القارئ يقرأ القرآن، وفق ما يحتمله الرسم القرآني، الخالي من النقط والشكل.
يقول جولد زيهر: (وترجع نشأة قسم كبير من هذه الاختلافات؛ أي في القراءات، إلى خصوصية الخط العربي، الذي يقدم هيكله المرسوم مقادير صوتية مختلفة؛ تبعا لاختلاف النقط الموضوعة فوق هذا الهيكل أو تحته، وعدد تلك النقاط. بل كذلك في حالة تساوي المقادير الصوتية، يدعو اختلاف الحركات، الذي لا يوجد في الكتابة العربية الأصيلة ما يحدده، إلى اختلاف مواقع الإعراب للكلمة، وبهذا إلى اختلاف دلالتها، وإذن فاختلاف تحلية هيكل الرسم بالنقط، واختلاف الحركات في المحصول الموحد القالب من