للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: حسبك الآن، فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان (١)».

فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يتعهد أصحابه بتعليم القرآن وحفظه، حتى أصبحت صدورهم سجلا لما نزل من الحق، وربما علم النبي، عليه الصلاة والسلام، بعض أصحابه قراءة لم يسمعها بعض الصحابة، فيقرأ بعضهم القرآن على القراءة التي سمعها، ويقرأ آخر على قراءة غيرها سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم، فيسمع أحدهما الآخر، فينكر عليه عدم سماعه لها من الرسول صلى الله عليه وسلم.

ففي البخاري ومسلم «أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، يقول: " سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان، في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرؤها على حروف كثيرة، لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أساوره في الصلاة، فانتظرته حتى سلم، ثم لببته بردائه أو بردائي، فقلت: من أقرأك هذه السورة؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه، قلت له: كذبت، فوالله، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأني هذه السورة التي سمعتك تقرؤها، فانطلقت أقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، وأنت أقرأتني سورة الفرقان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرسله يا عمر، اقرأ يا هشام، فقرأ هذه القراءة التي سمعته يقرؤها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هكذا أنزلت، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه (٢)»

وروى مسلم، «عن أبي بن كعب قال: " كنت في المسجد، فدخل رجل يصلي فقرأ قراءة أنكرتها عليه، ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه، فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه، ودخل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه، فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرآ، فحسن النبي صلى الله عليه وسلم شأنهما (٣)». . . " الحديث.


(١) سورة النساء الآية ٤١ (٣) {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا}
(٢) هذه الأحاديث صحيحة، بل وصفها السيوطي بأنها متواترة، انظر البخاري ٦/ ١٠٠ ومسلم ٢/ ٢٠٢ وأبو داود ٢/ ١٠١ والترمذي ١/ ٦١.
(٣) هذه الأحاديث صحيحة، بل وصفها السيوطي بأنها متواترة، انظر البخاري ٦/ ١٠٠ ومسلم ٢/ ٢٠٢ وأبو داود ٢/ ١٠١ والترمذي ١/ ٦١.