للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي ضوء دراسة هذه الردود، يمكن إيجازها في الأمور الآتية: أولا: أن الاعتماد، في نقل القرآن، على حفظ القلوب والصدور، لا على خط المصاحف والكتب (١)، ثم إن القراءات وجدت قبل مرحلة تدوين المصاحف وكتابتها، وبعد تدوينها كانت في البداية غير منقوطة ولا مضبوطة، ومع ذلك كانت القراءات معروفة ومنتشرة، وكانوا يقرءون الآيات حسب السماع والرواية، لا حسب الرسم والكتابة.

ثانيا: لو كانت القراءة تابعة للرسم- لصحت كل قراءة يحتملها رسم المصحف، ولكن الأمر على غير ذلك؛ فإن بعض ما يحتمل الرسم صحيح، مثل (فتبينوا) في قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا} (٢) الآية.

وبعضه مردود؛ مثل قراءة حماد الراوية: (أباه)، في قوله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} (٣) الآية، وكذلك قراءة: "تستكثرون"، في قوله تعالى: {مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ} (٤)، وهذه وتلك قراءة منكرة بالاتفاق، فليست من السبع، ولا الأربع عشرة، ولو كان مجرد الخط كافيا لاعتمدت".

وعلى مثل هذه القراءة المكذوبة، اعتمد جولد زيهر، في الاستدلال، على قضيته الباطلة ودعواه الخبيثة ضد القرآن الكريم.

ثالثا: لقد ثبت، بالتاريخ الصحيح، أننا لا نزال نرى الكثير من المقرئين،


(١) النشر ١/ ٦.
(٢) سورة الحجرات الآية ٦
(٣) سورة التوبة الآية ١١٤
(٤) سورة الأعراف الآية ٤٨