للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} (١)، قرأ ابن كثير وأبو عمرو فرهن بضم الراء والهاء، جمع رهن كسقف وسقف، وروي عنهما أيضا (فرهن)، وقرأ الخمسة نافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي (فرهان)، بكسر الهاء وإثبات الألف (٢).

ومع تواتر القراءات الثلاث، إلا أن ابن جرير يرد قراءة رهن، ويعلل رده بما يعلله اللغويون؛ فيقول: " لأن جمع فعل على فعل شاذ قليل) (٣) وليت ابن جرير طعن في القراءة وسكت، بل اتهم من يقرأ بذلك بأنه يقرأ به من عند نفسه. بل يصف بعض القراء، والمحتج بقراءته، بضعف احتياله في قراءة أخرى؛ ففي قوله تعالى: {وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} (٤) قرأ القراء السبعة بتشديد الفاء، وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب (وكفلها) مفتوحة خفيفة، وبعد أن يسوق الطبري كلاما طويلا يغلظ القول على من يقرأ بالتخفيف، ويقول: " إنهم اعتلوا بحجة دالة على ضعف احتيال المحتج بها " (٥).

ويؤكد الطبري موقفه، في موافقة بعض اللغويين، في قبول القراءة واستجادتها، أو رفضها وردها، وتعبيراته المختلفة في الرفض كثيرة، وهاك طائفة يسيرة من ذلك.

قال تعالى {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} (٦) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وحمزة (عزير) بضم الراء، وحذف التنوين، وقرأ عاصم والكسائي (عزير) بالتنوين.

يقول الطبري: " وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ (عزير) بالتنوين "

وفي قوله تعالى: {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ} (٧) قال الطبري قرئت (الأنصار)، بالخفض والرفع، ثم قال، والقراءة التي


(١) سورة البقرة الآية ٢٨٣
(٢) كتاب السبعة ١٩٤ النشر ٢/ ٢٣٧.
(٣) الطبري ٣/ ٩٢.
(٤) سورة آل عمران الآية ٣٧
(٥) الآية ٣٧ من سورة آل عمران، وينظر تفسيرها في الطبري. أما تحقيق القراءة- فمن النشر والسبع.
(٦) سورة التوبة الآية ٣٠
(٧) سورة التوبة الآية ١٠٠