للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على وجهين؛ إما على اتقوا الله والأرحام، أو بعطف على محل الجار والمجرور كقولك مررت بزيد وعمرا، وينصره قراءة ابن مسعود " تساءلون به والأرحام "، والجر على عطف الظاهر على الضمير، وليس بسديد؛ لأن الضمير المتصل، متصل والجار والمجرور كشيء واحد؛ فحكم على قراءة الجر بأنها ليست سديدة، ومعلوم أنها قراءة متواترة عن السبعة، قرأ بها حفص وحده، وقرأ الباقون (والأرحام) نصبا.

وفي قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلَادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ} (١) قرأ ابن عامر: قتل أولادهم شركائهم، برفع القتل وجر الشركاء، على إضافة القتل إلى الشركاء، والفصل بينهما بغير الظرف، يقول الزمخشري: " لو كان في مكان الضرورات، وهو الشعر، لكان سمجا مردودا كما سمج "

زج القلوص أبي مزادة

"، فكيف به في الكلام المنثور؟ فكيف به القرآن المعجز، بحسن نظمه وجزالته.

لم يقف الزمخشري عند هذا الحد، في الطعن، بهذه القراءة، بل وصف القارئ بها أن الذي حمله، على ذلك، أن رأى في بعض المصاحف (شركائهم) مكتوبا بالياء، ولو قرأ بجر الأولاد والشركاء- لكان الأولاد شركاءهم في أموالهم، لوجد في ذلك مندوحة عن هذا الارتكاب.

والزمخشري، في طعنه في القراءات، يجرح القراء أحيانا، ويخطئهم أحيانا، بأنهم يلحنون لقلة درايتهم بالنحو والصرف؛ ففي قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ} (٢) قرئ: فيغفر ويعذب مجزومين، عطفا على جواب الشرط، ومرفوعين على فهو يغفر ويعذب، فإن قلت: كيف يقرأ الجازم، قلت يظهر الراء ويدغم الراء في اللام، لا من مخطئ خطأ فاحشا، ورواية عن أبي عمرو مخطئ مرتين؛ لأنه يلحن وينسب إلى أعلم الناس بالعربية ما يؤذن


(١) سورة الأنعام الآية ١٣٧
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٤