للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخاصة فقد ذهب جمهور أهل العلم من المالكية والشافعية والحنابلة إلى القول بعدم الشفعة في ذلك لما في صحيح البخاري عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال " إنما جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - «الشفعة في كل ما لم يقسم فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة (١)» ولما روى مسلم في صحيحه عن جابر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال «الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط (٢)» حيث دل الحديثان على حصر الشفعة فيما هو مشترك ولم يقسم فإذا قسم فلا شفعة ولأن الشفعة مشروعة لرفع ضرر الاشتراك والمقاسمة ولما في المقاسمة من احتمال نقص قيمة حصة الشريك بعد المقاسمة لما تستلزمه المقاسمة في الغالب من إحداث مرافق خاصة لما يقتسم.

قال في المدونة: قلت لابن القاسم أرأيت لو أن قوما اقتسموا دارا بينهم فعرف كل رجل منهم بيوته ومقاصيره إلا أن المساحة بينهم لم يقتسموها أتكون الشفعة بينهم أم لا في قول مالك؟ قال قال مالك: لا شفعة بينهم إذا اقتسموا، قلت وإن لم يقتسموا المساحة وقد اقتسموا البيوت فلا شفعة بينهم في قول مالك؟ قال: نعم. . . قلت أرأيت السكة غير النافذة تكون فيها دار لقوم فباع بعضهم داره أيكون لأصحاب السكة الشفعة أم لا في قول مالك؟ قال لا شفعة لهم عند مالك. قلت ولا تكون الشفعة في قول مالك بالشركة في الطريق؟ قال نعم لا شفعة بينهم إذا كانوا شركاء في طريق. ألا ترى أن مالكا قال لا شفعة بينهم إذا اقتسموا الدار. اه (٣).

وقال ابن رشد في معرض تعداد ما لا شفعة فيه: وكذلك لا شفعة عنده في الطريق ولا في عرصة الدار. اه (٤).

وقال الشربيني على قول صاحب المنهاج: ولا شفعة إلا لشريك. ما نصه: ولا شفعة إلا لشريك في رقبة العقار فلا تثبت للجار لخبر البخاري المار ولا للشريك في غير رقبة العقار كالشريك في المنفعة فقط. . ولو باع دارا وله شريك في ممرها فقط التابع لها فإن كان دربا غير نافذ فلا شفعة له فيها لانتفاء الشركة فيها. اهـ (٥).

وقال النووي: وأما المقسوم فهل تثبت فيه الشفعة بالجوار، فيه خلاف. فذهب الشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء لا تثبت بالجوار وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ويحيى الأنصاري، وأبي الزناد، وربيعة، ومالك، والأوزاعي، والمغيرة بن عبد الرحمن، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، اه (٦).

- وذكر ابن قدامة - رحمه الله - أن الشفعة لا تثبت إلا بشروط أربعة أحدها: أن يكون الملك مشاعا غير مقسوم فأما الجار فلا شفعة له ثم ذكر من اختار هذا القول من أهل العلم ومن خالفه كأبي حنيفة وغيره ثم


(١) صحيح البخاري الشركة (٢٤٩٥)، صحيح مسلم المساقاة (١٦٠٨)، سنن الترمذي الأحكام (١٣٧٠)، سنن النسائي البيوع (٤٧٠١)، سنن أبو داود البيوع (٣٥١٤)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٩٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٩٩)، سنن الدارمي البيوع (٢٦٢٨).
(٢) صحيح البخاري الشركة (٢٤٩٥)، صحيح مسلم المساقاة (١٦٠٨)، سنن النسائي البيوع (٤٧٠١)، سنن أبو داود البيوع (٣٥١٣)، سنن ابن ماجه الأحكام (٢٤٩٩)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣١٠)، سنن الدارمي البيوع (٢٦٢٨).
(٣) المدونة ج٥ ص٤٠٢.
(٤) بداية المجتهد ج٢ ص٢٥٥.
(٥) مغني المحتاج ج٢ ص٢٩٨.
(٦) شرح النووي لصحيح مسلم ج١١ ص٤٦.