للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذلك: وقرأ الأعرج وزيد بن علي والأعمش وخارجة، عن نافع وابن عامر، في رواية (معائش) بالهمز، وليس بالقياس، لكنهم رووه، وهم ثقات، فوجب قبوله، ثم ذكر المخالفين، منهم الزجاج القائل: إن جميع نحاة البصرة تزعم أن همزها خطأ، ولا أعلم لها وجها، إلا التشبيه بصحيفة وصحائف، ولا ينبغي التعويل على هذه القراءة (١). . ويرد أبو حيان، على ذلك، بعدة أدلة منها: أن العرب تهمز مثل تلك الأسماء وشبهه.

ثم إن هذه القراءة نقلت عن ثقات، كابن عامر، وهو عربي صراح، وقد أخذ القرآن عن عثمان قبل ظهور اللحن، وقرأ بها الأعرج وهو من كبار التابعين، وهم من الفصاحة والضبط والثقة بالمحل الذي لا يجهل، فوجب قبول ما نقلوه إلينا، ولا مبالاة بمخالفة نحاة البصرة في مثل هذا، ثم يقول: ولسنا متعبدين بأقوالهم (٢).

وقد تعرض المازني للقراءة بقوله: " أصل أخذ هذه القراءة عن نافع، ولم يكن يدري ما العربية، وكلام العرب الفصيح في نحو هذا " رد عليه الإمام أبو حيان:

" وأما قول المازني: أصل أخذ هذه القراءة عن نافع، فليس بصحيح؛ لأنها نقلت عن ابن عامر وعن الأعرج وزيد بن علي والأعمش، وقوله أن نافعا لم يكن يدري ما العربية فشهادة على النفي، ولو فرضنا أنه لا يدري ما العربية، وهي هذه الصناعة التي يتوصل بها إلى التكلم بلسان العرب، فهو لا يلزمه ذلك؛ إذ هو فصيح متكلم بالعربية، ناقل للقراءة المتواترة عن العرب الفصحاء، وكثير من هؤلاء النحاة يسيئون الظن بالقراء، ولا يجوز لهم ذلك (٣).

وفي قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} (٤).

يقول: " قرأ أبو جعفر والحسن وشيبة والأعمش وطلحة وحميد وأيوب


(١) البحر المحيط ٤/ ٢٧١
(٢) البحر المحيط ٤/ ٢٧١.
(٣) البحر المحيط ٤/ ٢٧٢.
(٤) سورة طه الآية ٦٣