للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخلف، في اختياره، وأبو عبيد وأبو حاتم وابن عيسى الأصبهاني وابن جرير وابن جبير الأنطاكي والأخوان والصاحبان من السبعة: بتشديد نون هذان، بألف ونون خفيفة لساحران، ثم ذكر اختلاف العلماء في توجيه وتخريج هذه القراءة، يقول في ذلك: قال القدماء من النحاة: إنه على حذف ضمير الشأن، والتقدير " إنه هذان لساحران "، وخبر إن الجملة من قوله {هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} (١) واللام في (لساحران) داخلة على خبر المتبدأ، وضعف هذا القول: بأن حذف هذا الضمير لا يجيء، إلا في الشعر، وبأن دخول اللام في الخبر شاذ، قال الزجاج: " إن اللام لم تدخل على الخبر، بل التقدير: لهما ساحران، ودخلت على المبتدأ المحذوف "، وتخريج آخر لها: " إن بمعنى نعم، وثبت ذلك في اللغة، فتحمل الآية عليه، وهذان لساحران مبتدأ وخبر، واللام في لساحران، على ذينك التقديرين، في هذا التخريج ".

ويرى الإمام أبو حيان أن أصح وجه تحمل عليه القراءة هو أن هذه القراءة جاءت على لغة بعض العرب، من إجراء المثنى بالألف دائما، وهي لغة لكنانة ولبني الحارث بن كعب وخثعم وزبيد وأهل تلك الناحية، حكاه الكسائي، لبني العنبر، وبني الهجيم ومراد وعذرة (٢).

ومن العجب أن تكون هذه لغة لعديد من القبائل التي ذكرت، ثم يأتي النحاة ومن جرى على طريقتهم في تخريج تلك القراءة الثابتة عن رب العزة، والأولى والصواب أن الواجب أن تؤخذ هكذا، كما أثرت ورويت، ولا حاجة لتلك التأويلات التي تجعل الإنسان في حيرة، يتشتت فيها فكره هنا وهناك؛ لكثرة التناقضات واختلاف الآراء، لم لا نريح أنفسنا، ونقول إنها لغة، واللغة ظاهرة اجتماعية لا تخضع لمقاييس نحوية، بل لم لا نقول: إنها لغة القرآن، نقلت إلينا بالتواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل لنا الخيرة في أنفسنا، بعد ثبوت أمر الله في ذلك (٣).


(١) سورة طه الآية ٦٣
(٢) البحر المحيط مجلد ٦/ ٢٥٥.
(٣) والكلام للدكتور عبد المتعال في القراءات القرآنية في الدراسات النحوية.